ما هي طرق الحفاظ على مدخراتك النقدية في ظلّ الأزمات الاقتصادية؟!
تشهد مختلف الدول والمناطق في العالم أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ما أدى إلى تراجع قيمة العملات المحلية وخاصة في الدول العربية، الأمر الذي وضع أصحاب المدخرات في موقف صعب، مع الإحساس بأن القيمة الحقيقية لمدخراتهم تتراجع بمعدلات لا يمكن توقع نهايتها.
ويقسّم الخبراء الاقتصاديون البلدان العربية المتأزمة اقتصادياً، إلى نوعان، النوع الأول الذي ألمت به الأزمة الاقتصادية نتيجة عدة اختلالات مثل “مصر، وتونس، ولبنان”، والنوع الثاني نتيجة النزاعات والحروب مثل “ليبيا، واليمن، وسوريا، والعراق، والصومال”.
ومما يجعل مهمة حماية المدخرات صعبة، كونها تتم بشكل فردي، وبالتالي فإن تحمّل نتيجة استخدام أي آلية لحماية المدخرات يعود سلباً وإيجاباً على صاحبها، فالبعض يتجه لشراء العملات الأجنبية، وفريق ثان يتجه للاستحواذ على الذهب، وطرف ثالث يتجه لشراء الأصول الرأسمالية، من أراض وعقارات وخلافه، بحسب ما يراه الخبراء الاقتصاديون.
تابعونا عبر فيسبوك
وأضاف الخبراء، أن التجارب في العديد من الدول العربية أسهمت، وخاصة خلال العقد الأخير، في جعل الأفراد يتخوفون من السياسات النقدية للحكومات، سواء بالنسبة لسعر الفائدة أو سعر الصرف، على حد زعمهم.
ويرى الخبراء، أن مسألة التفكير في الإفادة من أسعار الفائدة المرتفعة التي تقدمها البنوك إبان ارتفاع معدلات التضخم، سرعان ما تتهاوى أمام انهيار قيمة العملات المحلية، فضلاً عن أن الحكومات لا تحافظ على سياستها الخاصة بارتفاع سعر الفائدة لفترات طويلة، مما يُشعر مودعي الأموال بالبنوك بالعملات المحلية بالندم وغياب الثقة بالحكومات.
وعن كيفية الخطوات اللازمة نحو ادخار آمن فقد أشار الخبراء، إلى ضرورة التفريق بداية بين الادخار والاكتناز، فالادخار هو تجنب جزء من دخل الأفراد أو المؤسسات، عن الإنفاق الحالي، من أجل الدفع به لتمويل عملية الاستثمار، عبر المسارات الفردية، أو من خلال المؤسسات أو البنوك، وبالتالي فهو مال يعاد تدويره داخل الدورة الاقتصادية.
أما الاكتناز، فهو احتفاظ الأفراد أو المؤسسات بجزء من الدخل، وعدم إشراكه في أي نشاط اقتصادي، وبالتالي فهو قرار بإخراج ذلك المال من دورة النشاط الاقتصادي.
إذن كيف تتم حماية المدخرات؟
تختلف آلية التصرف لحماية المدخرات من حالة لأخرى، فإذا كانت عملية تراجع العملات المحلية سريعة، فيكون التصرف هو التخلص منها في أسرع وقت للحصول على بديل آمن يسهل الحصول عليه.
أما إذا كانت عملية التراجع في العملات المحلية بطيئة، ويمكن التنبؤ بها على مدار العام مثلاً، فهنا يمكن الاختيار بين البدائل المختلفة، وخاصة إذا كانت البدائل المتاحة تختلف من حيث العائد منها أو القدرة على تسييلها، بحسب الخبراء.
فالعملات الأجنبية، هي الخيار السريع الذي يلجأ إليه المدخرون لحماية مدخراتهم، وخاصة إذا كان سهل الحصول عليه، ولكن في الغالب ما يصاحب حالات انهيار العملات المحلية، عجز الجهاز المصرفي عن توفير العملات الأجنبية، لذلك توجد السوق السوداء أو الموازية، لتكون بديلاً من السوق الرسمية، لتلبية احتياجات المدخرين، أو المستوردين.
ولكن في ظل واقع الاقتصاديات العربية المتأزم، يجعل الأمور ليست مأمونة الجانب فيما يتعلق بسعر الصرف، وخاصة بعد أن تهدأ الأزمات المتعلقة بتراجع قيمة العملات المحلية، فتلجأ الحكومات من خلال تدخلها في سعر الصرف، بتحسين أداء العملات المحلية أمام العملات الأجنبية، مما يعرض المدخرين لخسائر..
فيما يعتبر الذهب إحدى الآليات المهمة التي يلجأ إليها المدخرون بجانب العملات الأجنبية، لكي يحافظوا على مدخراتهم، ولكن لا بد هنا أن نشير إلى أن الذهب هو الملاذ الآمن في ظل الأزمات، ولكن في الأوضاع الطبيعية، هناك محددات أخرى، تجعل الاحتفاظ بالذهب مخاطرة، لوجود المضاربات في السوق الدولية بين الذهب والنفط، وكذلك أسعار الفائدة في السوق الأمريكية.
من جانب أخر، يمكن اعتبار عملية الاحتفاظ بالأصول، عملية يُنصح بها في حالة وجود تراجع كبير في العملات المحلية، ويمكن أن يتجه الأفراد إلى تحويل مدخراتهم إلى أصول رأسمالية، من أراض وعقارات أو مصانع أو سيارات وخلافه، ولكن من مشكلات هذا البديل، أن تسييل الأصول قد يستغرق بعض الوقت، وهو ما لا يلائم بعض المدخرين.
شاهد أيضاً : لهذا السبب تتعثر المشاريع الروسية في سوريا.. ؟!