ما مصير المحاولات الأوروبية لتقويض الاقتصاد الروسي؟!
في محاولة منها تقويض الاقتصاد الروسي وقطع طرق التجارة التي تعود بالأموال على موسكو، تتابع الدول الأوروبية المحاولات أملاً في إجبار روسيا على التخلي عن الحرب في أوكرانيا، وفيما يبدو أن حملتها وصلت إلى مرحلة حساسة للغاية، مع إخفاق الجهود السابقة في تحقيق ما أرادته من المحاولات، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام روسية.
وفي وقت قادم من شباط، سينضم الاتحاد الأوروبي إلى المملكة المتحدة والولايات المتحدة في حظر الواردات المنقولة بحراً من الديزل الروسي ومنتجات النفط الأخرى، وهو إجراء يقترن بسقف أقصى لسعر صادرات الوقود الروسية، وهو مصمم لـ”حرمان” موسكو من جزء كبير من عائدات الطاقة، وفقاً للتكهنات الغربية.
لكن على الجانب الآخر، إذا كان المشترون الأوروبيون غير قادرين على إيجاد إمدادات بديلة، فإن العقوبات ستتسبب في تراكم تكاليف جديدة على الصناعات المعتمدة على الديزل، مثل الزراعة والنقل البري وتجعل من الصعب على الحكومات كبح جماح التضخم، بحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ”.
وتنطبق على النفط الخام غير المكرر، والذي يخضع للحظر الأوروبي وسقف 60 دولاراً للبرميل ويفرض على الكيانات التي لا تزال تشتري من روسيا، علماً بأن روسيا وعدت بتوجيه منتجاتها إلى مشترين آخرين لا يلتزمون بهذا السقف العقابي.
تابعونا عبر فيسبوك
ولكن يريد الغرب من العقوبات الجديدة استهداف الوقود المكرر الروسي المنقول بحراً، حيث تُعد البلاد مُصدراً رئيسياً للـ”نافثا” التي يمكن استخدامها في صناعة البنزين والبلاستيك وزيت الوقود، الذي غالباً ما يُستهلك في توليد الطاقة والشحن، كما أنها تشحن وقود الطائرات وزيت الغاز المفرغ ومنتجات بترولية أخرى.
ومن الجدير ذكره، أن روسيا استحوذت على 9.3% من شحنات المنتجات النفطية العالمية من حيث الحجم في عام 2022، أي نحو 0.5% أكثر من حصتها في سوق النفط الخام، وهذا ما يجعلها مطمعاً للغرب.
وبنفس طريقة الحد الأقصى الذي تفرضه دول مثل مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي على النفط الخام، وذلك عن طريق منع أي شخص يدفع أكثر من الحد الأقصى للمنتجات المشحونة من روسيا من الحصول على تأمين من الدول المشاركة الرئيسية.
وتعتبر هذه المشكلة كبيرة، بالنظر إلى أن أكثر من 95% من الناقلات البحرية العابرة للمحيطات في العالم تجري عمليات التأمين عبر لندن، لكن أيضاً يمكن لروسيا شحن الوقود كما فعلت مع الخام، بأسعار غير محددة عبر أسطول ناقلات “الظل” الذي لا يعتمد على الخدمات الغربية.
ويتمثل أحد أصعب التحديات أمام الغرب، هو استبدال إمدادات الديزل التي تعمل على تشغيل السيارات والشاحنات والآلات الزراعية والسفن ومعدات التصنيع والبناء، شحن نحو 220 مليون برميل إلى الكتلة من الموانئ الروسية في عام 2022، وهو ما يكفي لملء 14 ألف حوض سباحة بحجم أولمبي.
ومع انفتاح الاقتصاد الصيني مجدداً، سيكون من الصعب توفير حصص تصديرية بديلة، والأهم هو قرار روسيا حول ما إذا كانت ستواصل تصدير الديزل، والذي إذا ما حدث، ستتغير التدفقات التجارية العالمية بشكل أساسي.
ويمكن القول إذا اضطرت روسيا إلى خفض الإنتاج، فقد يؤدي ذلك إلى استنزاف الوفرة العالمية، وستزيد اضرابات قطاع النفط الفرنسي من تعقيد الصورة، بالنظر إلى احتمال حدوث اضطرابات في مصافي التكرير، يمكن أن تقلل من إنتاج الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، يأمل قادة الاتحاد الأوروبي أن تؤثر العقوبات الجديدة على الأوضاع المالية لروسيا، دون التسبب في صدمة إمدادات الطاقة التي تعطل الصناعات الرئيسية، وتجعل من الصعب على الحكومات السيطرة على التضخم.
لكن إذا كان سقف السعر منخفضاً جداً، فقد ترفض الشركات الروسية البيع، أو تعمل بجد لإيجاد طرق للتغلب عليها، وإذا كان مرتفعاً للغاية، فسيكون الغرب قد عانى دون أدنى فائدة تذكر.
وقد تكون بعض الدول في طريقها لتحقيق مكاسب غير متوقعة، إذا اشترت الديزل الروسي بشكل أساسي بأسعار مخفضة لتغطية متطلباتها المحلية، وبيع الوقود من مصافي التكرير الخاصة بها إلى المشترين في الاتحاد الأوروبي بسعر أعلى بكثير.
كما أنه لا يوجد الكثير لمنع المشترين من خارج الاتحاد الأوروبي مثل الهند من شراء الخام الروسي، ومعالجته في مصافيهم الخاصة لإنتاج الوقود، ثم بيع هذه البراميل بشكل شرعي إلى مشترين في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي قامت به الهند مع بريطانيا في وقت سابق، بحسب ما أفادت به تقارير.
أخيراً، يمكن للتجار المستعدين لخرق القواعد بالكامل شحن الوقود الروسي إلى بلد ما، وخلطه مع وقود آخر وإرساله إلى الاتحاد الأوروبي، وسيكون من الصعب للغاية إثبات الأصل الحقيقي لمثل هذه الشحنات، وفي النهاية لن تكون العقوبات الغربية ذات تأثير حقيقي مثل سابقاتها.
شاهد أيضاً : أسعار البنزين في الولايات المتحدة تواصل الصعود