ماذا تعني زيارة الأسد إلى روسيا؟
اهتمام واسع ومنقطع النظير حظيت به زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى العاصمة الروسية موسكو، والتي التقى فيها بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، رغم أنها تندرج في سياق الزيارات العديدة التي يقوم بها الأسد لموسكو في إطار العلاقات المتينة مع روسيا، وفق ما رآه مراقبون.
لكن هذه الزيارة وفق مراقبين، تختلف عن سابقاتها وتتسم بأهمية استثنائية ترتبط بتوقيتها، حيث أنها أول زيارة للرئيس السوري بعد الحرب الأوكرانية، وما خلفته من تحولات في طبيعة النظام الدولي.
إضافة إلى أنها تأتي بعد أسابيع فقط من كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا، وما تبعه من تضامن عربي ودولي معها، والذي يرى مراقبون أنه ينعكس وبالضرورة سياسياً كذلك على الوضع السوري.
وأعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن المحادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره السوري بشار الأسد، استمرت قرابة 3 ساعات.
ووفق الرئاسة الروسية، فإن هذه المحادثات جرت في صيغتين، بمشاركة الوفود ثم وجهاً لوجه.
تابعونا عبر فيسبوك
وناقش الرئيسان “التعاون في سياق إعادة إعمار سوريا بعد الحرب، واستمرار التسوية السورية، على هذا النحو، بما في ذلك جميع الجوانب، مع التشديد على الأولوية المطلقة لسيادة سوريا وسلامتها الإقليمية”، كما تطرقا أيضاً لموضوع “العلاقات السورية التركية”.
وتناولت المحادثات العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والعمل لتعزيز هذه العلاقات بما يصب في مصلحة الشعبين في مرحلة تشهد تحولات غير مسبوقة على مستوى العالم.
وجرى بحث توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وبحث التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم، وأهمية الاستمرار في بناء تحالفات وشراكات بين الدول التي تجمعها مبادئ ومصالح مشتركة، بحيث تشكّل قوة فاعلة تتحرك لصالح شعوبها وتعمل لتحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي في مواجهة السياسات الغربية القائمة على نشر الفوضى والتخريب، وإشعال الحروب بهدف الاستمرار في الهيمنة وخدمة لمصالحها الضيقة.
وشملت المباحثات، المبادرات الإقليمية التي تدعمها موسكو، حيث أكد الرئيس الأسد، أن “سوريا لطالما كانت مع الحوار إذا كان سيُفضي إلى تحقيق مصالح الشعب السوري ووحدة وسلامة الأراضي السورية، ويصل إلى نتائج واضحة ومحددة وعلى رأسها الاستمرار بمكافحة الإرهاب وخروج القوات الأجنبية غير الشرعية الموجودة على أراضيها”.
وأكد الرئيسان ترحيبهما بإعلان السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كخطوة تنعكس إيجاباً على المنطقة والعالم.
تابعونا عبر فيسبوك
لكن اللافت أن زيارة الأسد لموسكو، أتت قبل يوم من اجتماع رباعي، يضم نواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران، في موسكو، وقبل محادثات مقررة بين وزراء خارجية الدول الأربع لاحقاً، ما أعتبره مراقبون علامة على أن ملف عودة العلاقات التركية السورية شكل محوراً مهما في اللقاء.
وقال مراقبون: إن هذه الزيارة تختلف توقيتاً وشكلاً ومضموناً، فمن ناحية التوقيت هي تأتي في ظل ظروف مختلفة وتحولات تكاد تكون استراتيجية في مشهد العلاقات الدولية والإقليمية، ولا سيما بعد الرعاية الصينية للاتفاق السعودي الإيراني، علاوة على ما طرأ من تحولات بعد كارثة الزلزال في سوريا، وما تبعها من دعم وإسناد عربيين واسعين لدمشق.
وأضاف المراقبون، أن العامل الآخر المهم الانتخابات التركية التي ستنعكس نتائجها بشكل كبير على طبيعة هذه التحولات والاصطفافات، وموسكو هنا تراهن على بقاء تركيا على نفس النهج الإقليمي الحالي، مشيرين إلى أن سوريا لاعب عربي وإقليمي مهم ولا شك، وبوادر عودتها للعب دورها باتت واضحة، ولذلك فهذه الزيارة تشكل فرصة لبحث طبيعة وشكل المرحلة المقبلة بين البلدين الحليفين.
وتابع المراقبون، لهذا فالزيارة تحمل رسالة مفادها، أن سوريا ستعود للعب دورها عربياً وإقليمياً ودولياً، وأن موسكو ستواصل دعمها اللامحدود لدمشق في عودتها هذه، وضمان بسط سيادتها على كامل الأراضي السورية.
وقالت مصادر مطلعة: إن الرسالة الأهم أيضاً، هي أن موسكو لا تتخلى عن أصدقائها وحلفائها حتى في أحلك الظروف، وتجربة الدعم الروسي لدمشق خير مثال.
تابعونا عبر فيسبوك
وأشارت المصادر، إلى أن ثمة معالم تحولات كبرى الأن في المشهد الدولي، تتجسد خاصة في منطقة الشرق الأوسط، على ما شاهدنا مع الدور الصيني المتصاعد في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية وخاصة خلال رعاية بكين للاتفاق بين الرياض وطهران، والمتناغم مع الدور الروسي، على حساب تراجع الدور الأمريكي القائم على نظريات الفوضى البناءة والتدخل في شؤون دول المنطقة، وتأليب الصراعات داخلها وفيما بينها.
وأضافت المصادر: لا شك أن الزيارة الحالية تتجاوز الطابع البروتوكولي أو أنها مجرد مناسبة استعراض سياسي مشترك، فهي تأتي في ظل بيئة دولية متغيرة وتطورات جيوسياسية تتطلب التنسيق والتفاعل مع الأحداث.
وكما أن الزيارة ستركز كذلك على مسألة إمدادات النفط والقمح الروسي، للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية المعيشية التي ترهق كاهل أكثر من 18 مليون سوري يعيشون في مناطق حكومة دمشق، مع الإشارة إلى أن البلدين قد تعرضا لكم هائل العقوبات، تجاوزت 14 ألف عقوبة على روسيا ونحو 3650 عقوبة على سوريا، بحسب مراقبين.
شاهد أيضاً : كيف رأى الأسد مستقبل الوجود الروسي في سوريا ؟!