حلم البريطانيين في امتلاك منزل بات سراباً!
“قتل حلم امتلاك منزل لجيل كامل”، هكذا اتّهم زعيم المعارضة البريطانية، كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، في جلسة بمجلس العموم البريطاني، بعد قرار الأخير بإلغاء خطّة الحكومة لبناء 300 ألف منزل سنويّاً، وهو الأمر الذي واجه اعتراضات شديدة بخلق جيل من المستأجرين وليس المُلّاك.
مع تولّي سوناك مقاليد رئاسة الحكومة البريطانية، كان بناء الـ300 ألف وحدة سكنية إلزاميّاً، لكن رئيس الوزراء البريطاني جعلها استشارية، وبحسب صحيفة الغارديان فإنّ القرار سيُكلّف المستأجرين 200 جنيه إسترليني إضافية سنوياً بحلول عام 2030.
تابعونا عبر فيسبوك
في شباط 2023، وفقاً للبيانات الرسمية الحكومية، فإنّ أسعار الإيجارات ارتفعت بنسبة 4.5 بالمئة في خلال 12 شهراً، مما أدى لتفاقم أزمة تكلفة المعيشة بالنسبة لأولئك الذين يقيمون في مساكن للإيجار.
وأظهرت الأرقام الجديدة الصادرة هذا الأسبوع أن متوسط الإيجار في المملكة المتحدة هو 1190 جنيهاً إسترلينيّاً، و2500 جنيه إسترليني في لندن.
وارتفعت تكلفة قروض الرهن العقاري نتيجة سلسلة الزيادات غير المسبوقة على أسعار الفائدة التي أقرها بنك إنجلترا، ما أدى إلى انخفاض في عدد الموافقات عليها المملكة المتحدة، إلى أدنى مستوى خلال عامين ونصف العام، بعدما ألقت تكاليف الاقتراض المرتفعة بظلالها على سوق العقارات.
وقال المؤرخ والمراسل البرلماني المقيم في بريطانيا، عادل درويش، لموقع “سكاي نيوز عربيّة”، أنّ هناك 3 فئات تضررت من ارتفاع تكاليف الرهن العقاري في بريطانيا:
الأولى: الأشخاص العاديون الذين يشترون العقارات
الثانية: المستثمر العقاري الكبير مع المطور
الثالثة (أسوأهم على الإطلاق): الأشخاص الذين لا يملكون معاشاً
ومن المتوقع أن ترتفع مدفوعات الرهن العقاري بمقدار 26 مليار جنيه استرليني سنوياً بحلول نهاية 2024 في ظل انتهاء أسعار الفائدة الثابتة للأسر مما يجعلهم يضطرون لإبرام صفقات أكثر تكلفة.
يوضّح درويش أنَّ “الحكومة البريطانية تحاول المساعدة عبر ضمانات الرهن العقاري، حيث إن الأشخاص يمكنهم الحصول على 95 % من الرهن العقاري مع الضمان الحكومي (اقتراض نحو 95 بالمئة من سعر شراء العقار الذي يرغب في شرائه، بينما تكون نسبة 5 بالمئة المتبقية من الوديعة)، لكن العائق هو أنّ أي تطوير سكني جديد ليس مثل المباني المبنية منذ 200 عام، والتي يمكنها الصمود لأكثر من 500 عام مقبلة، لذلك فهي ليست ذات قيمة حقيقية كالمنازل القديمة”.
وأضاف أن أسعار الفائدة ليست الأزمة، الأزمة أنّه في حالة الاقتراض من البنك، فإنّ الفائدة تكون على رصيد القرض مقابل الدخل، فعلى سبيل المثال دخلك السنوي نحو 200 ألف جنيه استرليني، والفائدة على القرض نحو 90 ألف، يتم خصمها من الدخل السنوي.
على الجانب الآخر، تسارع معدّل التضخم السنوي في بريطانيا بشكل غير متوقع في شباط 2023، رغم جهود بنك إنجلترا لترويض أزمة غلاء المعيشة المتزايدة، بحسب ما أظهرت بيانات رسمية، وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي إلى 10.4 %، من 10.1 % في كانون الثاني 2023.
ويعلّق خبير العقارات في بريطانيا، جوناثان رولاند، بقوله إنَّ التضخم العام أسهم في عدم قدرة البريطانيين على تحمُّل تكاليف المعيشة، ما يعني أنّهم يستطيعون تحمُّل تكاليف أقل على الإيجار أو الرهن العقاري، لذا فالتضخم العام يضر بالقطاع العقاري بشدّة، بينما تضخم العقارات نفسها من حيث الإيجارات، والأسعار تتزايد بسرعة غير مسبوقة، إلا أنّها كانت تتباطىء في أسعار البيع.