شكوك حول مصداقية كتلة الدعم الذي صرح بها عرنوس !
بعد أن توقفت هبّة الحكومة لاستثناء الفئات “المرفهة”، من الدعم الاجتماعي لفترة من الزمن، يبدو أنها ستعاود نشاطها الإقصائي مجدداً بعد أن صرح رئيس الحكومة بأنه من غير الممكن بعد الآن الاستمرار بآلية الدعم الحالية، خاصة وأن قيمته تجاوزت هذا العام 25 ألف مليار ليرة.
وقالت صحيفة “البعث” المحلية إن الحكومة كثفت اجتماعاتها المتعلقة بهيكلة الدعم بعد هذه المصارحة، حيث عاد الملف بقوة على ما يبدو إلى مقدمة الاهتمامات الحكومية، وجاءت أولى الترجمات برفع سعر البنزين والغاز، وبعدها الاسمنت، وقريباً الكهرباء.
وأضافت الصحيفة: إن حجّة التكلفة الباهظة للدعم لم تصل بتوقعات أكثر المتشائمين للرقم الذي تم الكشف عنه، مما أثار تساؤلات وشكوك كثيرين لمّحوا إلى فوضى وعشوائية الأرقام المصرح بها، وفي مقدمتهم رئيس اتحاد العمال الذي وصف ما يحدث بـ “شلف” الأرقام، إذ أن ما يصرح به من أرقام في الموازنة وأخرى على أرض الواقع مختلف جداً، ليأتي رئيس الحكومة ويصرح بهذا الرقم الفلكي فمن نصدق؟
في السياق، رأت وزيرة الاقتصاد السابقة، الدكتورة لمياء عاصي، أن الأرقام التي ذكرها رئيس مجلس الوزراء تبعث على الاستغراب، حيث بلغت كتلة الدعم 25 ألف مليار حسب تصريحه، في حين أن إجمالي الموازنة لعام 2023 بلغ 16550 مليار ليرة! فهل تجاوزت كتلة الدعم إجمالي الموازنة العامة، أم أن هناك خلطاً بين الدعم ومشتريات الحكومة من القمح والمحروقات وغير ذلك من السلع الأساسية!
وأضافت عاصي: إذا كان الرقم المصرح عنه سيؤثر على باقي بنود الموازنة، فإنها تستبعد إمكانية مقارنته بالدعم المقدر بالموازنة -4927 مليار- والذي بلغ حوالي 30% من اجمالي الاعتمادات، أما باقي بنود الموازنة فمعظمها تقع ضمن الانفاق الجاري، وستبقى كما هي اسمياً لا تغيير عليها، أما الزيادات في مبالغ الدعم فتضاف إلى العجز المالي الذي تجري تغطيته إما باللجوء الى الدين الداخلي وسندات الخزينة، أو الاقتراض من البنك المركزي بما يعرف بالتمويل التضخمي.
وأوضحت عاصي أن الدعم الذي يشمل الجميع ويستفيد منه الجميع يصنف على أنه خسارة وهدر في الموارد، ومبدأ توجيه الدعم لمستحقيه صحيح وعليه إجماع، لكن المعايير التي اتبعت في التصنيف لشرائح تستحق الدعم أو لا تستحقه مشوبة بكثير من الأخطاء، وتحتاج لإعادة نظر، فمثلاً: لعدم وجود قاعدة بيانات للمواطنين تحدد فئاتهم ومهنهم ودخولهم الشهرية، وغيرها من المعلومات التي يمكن الاستناد اليها، فقد لجأت الحكومة الى اعتماد ملكية سيارة حسب سنة صنع 2008، أو ممارسة مهنة معينة أو سجل تجاري…الخ، بدل تحديد الدخل الشهري أو السنوي.
تابعونا عبر فيسبوك
وأكدت أنه تم رصد أخطاء كثيرة في عملية الاستبعاد من الدعم، إذ وجدنا أن الفئات الأقل دخلاً والأشد فقراً لم يتحسن مستواها المعيشي جراء استبعاد حوالي 600 ألف أسرة، فتقليص عدد المستفيدين من الدعم لم يؤدي إلى تحسين معيشة من يستحقون الدعم، بل ذهب الفرق لتخفيف فاتورة الدعم، وتغطية جزء من العجز المالي في الموازنة العامة للدولة.
وعن التوقعات بالانسحاب النهائي من الدعم، بيّنت عاصي أن سياسة دعم السلع الرئيسية اعتبرت لفترة طويلة من الثوابت بالبلد، ولا يمكن التخلي عنها حسبما أكدت تصريحات حكومية كثيرة، ولكن اليوم، وبسبب الوضع المالي الصعب، أصبحت إعادة النظر بتلك السياسات واللجوء الى إعادة هيكلة الدعم وتقليص عدد المواطنين المؤهلين للاستفادة منه أمر لا مفر منه، وعززت التأكيدات الحكومية على دعم الزراعة والتعليم والصحة وبعض المواد التموينية الضرورية دون ذكر للمشتقات البترولية الشكوك بخروج سلع معينة من الدعم، وأولها المشتقات البترولية وبشكل تدريجي.
وأشارت الخبيرة الاقتصادية، إلى أن الاقتصاد السوري دخل دوامة مستمرة من رفع الأسعار، كون الحكومة تجد نفسها مضطرة لردم الفرق الكبير بين الأسعار الحرة والمدعومة، فترفع أسعار السلع المدعومة نفسها لتخفيف ذلك الفرق، ليرتفع معدل التضخم وتزيد الأسعار في موجة تضخمية جديدة، وجراء هذه الدوامة، فإن أكبر الخاسرين هو المواطن ذو الدخل المحدود، وخاصة موظفي القطاع العام، حتى بات دخلهم الشهري يكاد لا يسد رمقهم لبضعة أيام.
وأشارت عاصي، إلى أنه في السنوات الأخيرة زاد عدد الأشخاص المحتاجين للدعم، بالتوازي مع زيادة الصعوبات المالية للحكومة، لذلك ينبغي الاعتماد على قواعد بيانات واضحة ودقيقة لإدارة المؤهلين للاستفادة من الدعم، وتوخي الدقة في بيانات المتقدمين للاستفادة، والعمل على التحقق من المستفيدين بأنهم موجودين ضمن أراضي سوريا، لأننا نشهد كثيراً من عمليات التحايل، إضافة للتنسيق بين الجهات المختلفة المسؤولة عن تحديث معلومات المستفيدين.
شاهد أيضاً: ظاهرة خطيرة في سوريا “مدخنون دون سن البلوغ”.. مالحل ؟!