آخر الاخباررئيسيسياسة

من «المنبوذ» إلى الشريك.. زعيم السعودية يتحدى التهديدات بعزله !

كتب “بن هابرد” في صحيفة “نيويورك تايمز”، أن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” تعهد خلال سعيه للبيت الأبيض بجعل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “منبوذاً”.

وهدد بايدن الأمير مرة أخرى في الخريف الماضي بـ “عواقب” لتحديه رغبات الولايات المتحدة حينما تعلق الامر بالسياسة النفطية، بحسب الصحيفة الأمريكية، كما وصف السناتور الجمهوري ليندسي جراهام الأمير محمد، الحاكم الفعلي للمملكة الغنية بالنفط، بأنه “كرة تنشر الدمار” و “لا يمكن أن يكون زعيماً على المسرح العالمي”.

وقال “جاي موناهان”، مدير جولة المحترفين للجولف المرموقة على صعيد لعبة الجولف، إن “اللاعبين الذين انضموا إلى دوري منافس تدعمه السعودية قد خانوا ضحايا هجمات 11 سبتمبر التي نفذها خاطفون معظمهم من المواطنين السعوديين”.

“الآن، تبدو كلمات جميعاً جوفاء”، بحسب “نيويورك تايمز”.

“بايدن، الذي زار المملكة العام الماضي، صافح الأمير محمد بقبضته عندما التقيا وأرسل بانتظام المسؤولين الأمريكيين لرؤية ولي العهد السعودي بما في ذلك وزير خارجيته، أنتوني بلنكن، الأسبوع الماضي.. ابتسم السناتور غراهام ابتسامة عريضة بجانب الأمير – المعروف بالأحرف الأولى من اسمه M.B.S – خلال زيارة للسعودية في نيسان”..

وخلال هذا الأسبوع أيضاً، هز موناهان عالم الجولف المحترف بإعلانه إقامة شراكة بين جولة المحترفين للجولف ودوري ليف الجولف الجديد المدعوم سعودياً، مما أعطى المملكة فجأة تأثيراً عالمياً هائلاً على هذه الرياضة.

طوال ثماني سنوات من صعوده إلى السلطة، تحدى الأمير محمد (37 عاماً) مراراً وتكراراً التوقعات بأن حكمه كان في خطر، بينما استفاد من ثروة المملكة وسيطرتها على أسواق النفط وأهميتها في العالمين العربي والإسلامي لتجنب التهديدات المتكررة لمعاقبته بالعزلة الدولية.

ولم يكتفِ خلال هذه الفترة الزمنية بشحذ رؤيته لمستقبل السعودية كقوة إقليمية حازمة ذات اقتصاد متنام ونفوذ سياسي متزايد، بل تعلم دروساً من نكساته لصقل أساليبه التي استخدمها لتحقيق أهدافه وفق المحللين والمسؤولين الذين يتابعوه.

ووفقاً للكاتب فإن بن سلمان في الوقت الحالي على الأقل، يبدو أنه يحلق عالياً.

ملأ الطلب القوي على النفط في السنوات الأخيرة خزائن المملكة التي اشترت بها نادياً لكرة القدم في انجلترا، ودفعت رقمًا لافتًا للنظر لإحضار كريستيانو رونالدو للعب في الدوري الوطني وتحاول تجنيد نجوم دوليين آخرين أيضاً.

وفي حال تم إبرام صفقة الغولف بين السعودية وجولة المحترفين، فإن أحد المساعدين المقربين للأمير محمد سيصبح أحد أقوى الشخصيات في هذه الرياضة، مما يمنح المملكة منصة رئيسية أخرى لإعادة تشكيل صورتها الدولية.

وفي السنوات الأخيرة، نال الامير محمد قبول رؤساء الدول الممتدة من تركيا إلى الولايات المتحدة باعتباره مستقبل المملكة بعد ان رفضوه ذات مرة، في الوقت الذي عمل فيه على تعميق علاقات المملكة مع الصين، مما ساعد بكين على التوسط وتحقيق اختراق دبلوماسي بين السعودية وإيران، الخصمين الإقليميين منذ فترة طويلة.

يمثل كل هذا تقدماً كبيراً لأمير شاب كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مغرور خطير بعد أن أصبح والده ملكاً عام 2015.

في نفس العام، أطلق الأمير تدخلاً عسكرياً في اليمن تسبب في مقتل عدد كبير من المدنيين وتسبب في غرقه في مستنقع هذا البلد، وفي وقت لاحق صدم المجتمع الدبلوماسي باختطاف رئيس وزراء لبنان وأذهل مجتمع الأعمال من خلال حبسه مئات من الأثرياء السعوديين في فندق فخم لأسابيع متتالية كجزء من حملة مزعومة لمكافحة الفساد.

وشهدت مكانته الدولية انخفاضاً حاداً عام 2018 بعد أن قتلت فرقة اغتيال سعودية الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي وقطعت أوصاله داخل قنصلية المملكة في اسطنبول، وقد نفى الأمير محمد أي علم مسبق بالمؤامرة، لكن وكالة المخابرات المركزية خلصت إلى أنه من المحتمل أن يكون قد أمر بالعملية.

ربما كانت هذه المرحلة أدنى ما وصل اليه، لكن في السنوات التي تلت ذلك، استعاد ولي العهد الكثير من نفوذه، بمساعدة ثروة بلاده الهائلة وقوتها.

في وقت مبكر من حياته السياسية، قام بتهميش المنافسين لتعزيز سيطرته في الداخل.

التغييرات الاجتماعية التي احدثها، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وتوسيع خيارات الترفيه في بلد كان يحظر دور السينما، أكسبته معجبين بين شباب المملكة، وهو يعلم أيضاً أنه، بصفته الملك المنتظر في نظام ملكي، يمكنه الانتظار والصبر فهو لن يضطر أبداً إلى الترشح لإعادة انتخابه، وهو يتعامل بالفعل مع رئيسه الأمريكي الثالث، ومن المرجح أن يأتي ويذهب الكثيرون فيما سيكون هو باقيا في مكانه.

وأظهر تعافيه النهائي من قضية خاشقجي أن أموال المملكة يمكن أن تختصر الطريق وأنه بغض النظر عن مدى حديث الحكومات الغربية عن حقوق الإنسان، فإن المصالح الأخرى لها الأسبقية في النهاية.

“ليندسي جراهام”، عضو مجلس الشيوخ من ولاية كارولينا الجنوبية، الذي قال بعد مقتل خاشقجي إن الأمير محمد غير لائق للقيادة، غير موقفه وأشاد بالأمير خلال زيارة إلى السعودية في نيسان، عندما شكر المملكة على شرائها طائرات أمريكية.

وقال جراهام لقناة العربية “لقد اشتريتم 37 مليار دولار من الطائرات المصنوعة في ولايتي وبلدي” مضيفًا “أعتقد أن المزيد قادم وبصفتي عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي، فإنني أحتفظ بالحق في تغيير المسار”.

كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سربت حكومته تفاصيل مقتل خاشقجي للإضرار بالأمير محمد، قد وضع اعتراضاته جانباً في النهاية.

تابعنا عبر فيسبوك

في العام الماضي، أحالت محكمة تركية القضية المرفوعة ضد قتلة خاشقجي إلى المملكة، منهية القضية الأخيرة التي سعت لضمان المساءلة عن الجريمة.

وبعد فترة وجيزة، خصصت المملكة 5 مليارات دولار من الودائع للبنك المركزي التركي للمساعدة في تعزيز موارده المالية.

كما قامت جولة الجولف المحترفين بعمل مماثل، حيث وبخ موناهان، مفوض رابطة لاعبي الغولف المحترفين، المملكة لاشهر، وبسبب ذلك، صُدم الكثير عندما أعلن عن الشراكة الجديدة.

قرارات الأمير محمد في السنوات الأخيرة تأثرت بشعور متنام داخل المملكة بأن الولايات المتحدة أصبحت شريكاً غير موثوق به.

وتعامل الأمير مع ثلاثة رؤساء أمريكيين من كلا الحزبين أرادوا جميعاً تقليص التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، واتضحت مخاطر مثل هذا التراجع بالنسبة للسعودية عام 2019، عندما اتهمت الولايات المتحدة إيران بتنظيم هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ ضربت منشآت نفطية سعودية، مما أوقف مؤقتًا حوالي نصف إنتاج المملكة من النفط، ورفض الرئيس ترامب الرد بشكل مباشر، مما دفع الأمير محمد ونظرائه في الإمارات إلى استنتاج أن الولايات المتحدة لم تعد تساندهم وأن عليهم الاهتمام بأمنهم.

رفض الأمير محمد الانضمام إلى العقوبات الغربية التي تستهدف عزل الرئيس فلاديمير بوتين بعد الحرب في أوكرانيا، ومنذ ذلك الحين كثفت المملكة وارداتها من منتجات النفط الروسية المخفضة.

بعد أن التقى بايدن بالأمير محمد في السعودية في يوليو من العام الماضي، دفعت الإدارة الاميركية المملكة إلى إبقاء إنتاج النفط مرتفعاً للمساعدة في خفض أسعار الوقود في الولايات المتحدة قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر، لكن في أكتوبر/تشرين الأول، اتفقت المملكة مع الأعضاء الآخرين في كارتل النفط المعروف باسم أوبك بلس على خفض الإنتاج، بهدف إبقاء الأسعار مرتفعة.

وأثار ذلك غضب بايدن، واتهم مسؤولو البيت الأبيض المملكة بالتراجع عن الاتفاق.

بعد أشهر، عندما بدأ الطلب على النفط بالتراجع فعلًا، أصر السعوديون على أنهم كانوا على حق في مقاومة الضغوط السياسية وخفض الإنتاج.

لم تتحقق “العواقب” التي وعد بها الرئيس بايدن، الامر الذي يوضح أنه حتى الولايات المتحدة تعتبر علاقاتها الاقتصادية مع المملكة حيوية للغاية بحيث لا يمكن تعطيلها.

إن التصور بأن الولايات المتحدة تنسحب من الشرق الأوسط دفع الأمير محمد إلى تنمية علاقات المملكة الدبلوماسية، لا سيما مع الصين، الشريك التجاري الأكثر أهمية للمملكة وأكبر مستهلك للنفط السعودي.

وفي السنوات الأخيرة، قام ولي العهد بتنمية العلاقات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، واستضافته في قمة صينية عربية في الرياض في ديسمبر 2022، وخلال ذلك الاجتماع، ناقش الزعيمان دور الصين كوسيط لتقليل الصراع مع الإيرانيين.

بعد بضعة أشهر، أسفرت العلاقة عن اختراق دبلوماسي مفاجئ، عندما أعلنت المملكة وإيران أنهما ستعيدان العلاقات الدبلوماسية الطبيعية.

لقد كان انتصاراً مزدوجاً للأمير محمد، الذي قلل في إحدى الاتفاقيات من احتمالية الصراع مع خصمه الإقليمي الرئيسي، بينما أعطى قوة عالمية أخرى غير الولايات المتحدة حصة في النتيجة.

قال المسؤولون السعوديون إنهم يفضلون الاحتفاظ بالولايات المتحدة كحليف أساسي لهم، لكن الافتقار إلى الالتزام الأمريكي يعني أنهم بحاجة إلى التنويع، ولم تكن الولايات المتحدة في وضع يسمح لها بالوساطة في اتفاق بين السعوديين والإيرانيين بسبب علاقتها المتوترة مع طهران.

حتى أن بعض النقاد السابقين للمملكة يرون بوادر إيجابية في جهود الأمير محمد لتهدئة المنطقة.

شاهد أيضاً: إعلام عبري: اكتشاف في إيران سيغيّر ميزان القوى في الشرق الأوسط

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى