علاقتنا مع دمشق.. تغيّر في لغة بعض دول “مؤتمر المانحين” ؟!
يبدو أن دول المنطقة وصلت لقناعة مفادها بأن الحل للأزمة السورية لا يمكن أن يكون بدون حكومة دمشق لأولاً، الأمر الذي يعكسه ضعف التمثيل في “مؤتمر المانحين” الأخير في العاصمة البلجيكية بروكسل، يقابله طلب غربي بمضي دمشق قدماً في المسار السياسي كـ”شرط للتواصل معها”.
افتتح مفوّض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، “مؤتمر المانحين”، أمس، في بروكسل، بـ”مناشدة الدول المشاركة تقديم الدعم السخي للسوريين”.
وشدّد بوريل، على أن “التعهّدات ينبغي أن تكون بمبالغ كبيرة، وأن لا ننسى معاناة السوريين في دول الجوار، ومعاناة المجتمعات المضيفة لهم”، مذكّراً في الوقت عينه بـ”اللاءات الأوروبية” لإعادة العلاقات مع دمشق، ورفع العقوبات وإعادة الإعمار، والمرتبطة بالحلّ السياسي وتطبيق القرار الدولي 2254.
بدوره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي غاب عن تنظيم المؤتمر، وحضر بنداء أطلقه، لـ”تأمين أكثر من 11 مليار دولار، لـتلبية احتياجات السوريين”، وهو أكبر مبلغ تطلبه الأمم المتحدة، ويعكس “حجم الازدياد في الاحتياجات، وسوء الأوضاع الإنسانية”، بحسب تحذيرات غوتيريش، الذي دعا إلى “المساهمة في تعزيز التعافي المبكّر، وتمكين السوريين”.
وطالب وزراء خارجية دول الجوار التي “تستضيف اللاجئين السوريين بدعم حكوماتهم”.
تابعونا عبر فيسبوك
واستعرض المتحدثون باسم لبنان والأردن والعراق وتركيا أعداد اللاجئين في بلادهم، و”الخدمات التي تُقدّم لهم”. وذهب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، بعيداً في المطالبة بـ”تخصيص صندوق دولي لدعم اللاجئين”.
وأكّدت المداخلات على مبدأ “العودة الآمنة والطوعية للنازحين”، وتهيئة “بيئة صالحة” لعودتهم التي رأى المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، أنها تقوم على عاملين: “توفّر الأمان الشخصي، وهذه مسؤولية الحكومة السورية، وتوفّر الأمان الاقتصادي وهذه مسؤولية الدول المانحة من خلال دعم مشاريع التعافي”. في إشارة منه الى مبدأ “خطوة مقابل خطوة”، الذي ينتهجه وتتبناه دول عربية.
في المقابل، أظهر وزراء الخارجية العرب ابتعادهم عن النهج الذي يعتمده الغرب، وعملوا على طرح “المبادرة العربية” كبديل عن سياسة القطيعة والمواجهة.
وشدّد وزير الخارجية العراقي على ضرورة رفع العقوبات عن سوريا، بينما أشار الصفدي إلى أن “المبادرة العربية، تأتي بعد سنوات من فشل المبادرات الأخرى والسياسات الدولية التي كانت مطروحة سابقاً تجاه سوريا”.
في حين عبّر وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب عن خشيته من أن “القرار الأممي 2254، أصبح حبراً على ورق”، مؤكداً على “أهميةَ أن ينظر العرب إلى ما يحدث في سوريا بأنفسهم، باعتبار أنهم المتضرّرون المباشرون منه في المنطقة”. ولم يبتعد الخطاب التركي خلال المؤتمر عن سياق ضرورة الحديث مع دمشق، وحل المشكلة بالتنسيق مع السلطة فيها.
وانعكس الانفتاح العربي مع دمشق، وإعادة العلاقات مع الحكومة السورية، على خطاب ممثّلي الدول العربية، خصوصاً الخليجية، فخلَت مداخلات بعضهم من الإعلان عن أي تبرّعات هذا العام، واقتصرت على التذكير بمساهمات السنوات السابقة، وهو ما فُسّر على أن هذه الدول تفضّل “التبرّع مباشرة لدمشق”.
في المقابل، كانت المفوّضية الأوروبية أبرز المانحين هذا العام، إذ أعلنت عن “تبرّعها بـ 1.5 مليار يورو”، بينما “تبرّعت ألمانيا بنحو مليار يورو”، تلتها الولايات المتحدة.
إلا أن الرقم الإجمالي الذي بلغ نحو 5.6 مليارات يورو بقي بعيداً عن النداء الذي أطلقته الأمم المتحدة، وهو ما يعكس “عجزاً هائلاً في تلبية الاحتياجات الإنسانية للسوريين في الداخل ودول الجوار”.
شاهد أيضاً : لماذا أرسلت أمريكا طائرات متطورة إلى سوريا ؟!