“الجولاني” متخوف من اكتمال مشهد “التطبيع” بين دمشق وأنقرة ؟!
مع إعلان موسكو عن اتفاق دمشق وأنقرة على مشروع “خارطة الطريق” التي تقدمت به العاصمة الروسية، على هامش اللقاء العشرين من “مسار أستانا” قبل أيام، بينما زعمت “فصائل المعارضة السورية” التابعة لتركيا عدم تلقيها أي توضيحات حول الاتفاق المعلن عنه.
وتزامن هذا الإعلان مع رد عسكري من الجيش السوري على محاور عدة في محيط حلب واللاذقية وإدلب، على تصعيد عسكري لـ”هيئة تحرير الشام” طاول مواقع كانت هادئة نسبياً، ما وضع منطقة “خفض التصعيد” على محك اختبار حقيقي لأولى خطوات طريق التطبيع الطويلة، بحسب مصادر مطلعة.
بينما أكّدت كل من موسكو وطهران توصّل دمشق وأنقرة إلى توافق مبدئي على خريطة الطريق الروسية لفتح الأبواب المغلقة بين الجارتين، التي تتضمن خطوطاً توافقية عديدة، على رأسها مسألتا “محاربة الإرهاب” و”عودة اللاجئين”، بالإضافة إلى رفض الوجود الأمريكي في سوريا.
بدأت “هيئة تحرير الشام” محاولة إشعال منطقة “خفض التصعيد”، عبر شنّ هجمات صاروخية وعن طريق المسيرات، طاولَت ريفي حماة واللاذقية، وأدّت وفق الإحصاءات المبدئية إلى مقتل مواطن وإصابة عدد آخر، جميعهم مدنيون.
تابعونا عبر فيسبوك
ومن جانبه، ردّ الجيش السوري على مواقع إطلاق القذائف، بحسب مصادر ميدانية، مشيرة إلى أنه أسقط إحدى المسيرات، في وقت شنّت فيه طائرات روسية غارات عديدة على مواقع في محيط طريق حلب – اللاذقية (M4)، بالإضافة إلى استهداف مخازن أسلحة وخطوط إمداد خلفية جميعها تقع تحت سيطرة “الهيئة” في ريف إدلب.
وجاء التصعيد الميداني الجديد، والذي يمكن اعتباره استكمالاً لمحاولات سابقة قادتها “الهيئة” لتصدّر المشهد الميداني، عن طريق شنّ هجمات مباغتة على مواقع للجيش السوري، مختلفاً نوعاً ما، إذ هاجم الفصيل، الذي يحاول “قضم مناطق في ريف حلب لتكون بديلاً من إدلب، التي ينتظر أن تشهد عملية سياسية وعسكرية طويلة، مواقع مدنية بعيدة نسبياً عن خطوط التماس”.
ومن هنا، رأت المصادر أن التصعيد يأتي في إطار “محاولات استعراضية للاستهلاك الإعلامي” من قبل “الهيئة”، في ظل عجزها عن شن أي هجمات حقيقية نتيجة انتشار الجيش السوري، بينما كان متوقّعاً حدوث مثل هذا التصعيد، مع اقتراب حل مسألة الطرق الدولية، بما فيها طريق حلب – اللاذقية.
إلى ذلك، تعيش الفصائل المنتشرة في ريف حلب الشمالي حالة شك متزايدة، في ظل عدم تلقيها أيّ توضيحات حول مضمون خريطة الطريق التي يجري الحديث عنها، والخطوات التي قد تشملها هذه الخريطة، في ظل إصرار الحكومة السورية على أن يكون الانسحاب التركي من سوريا هو النتيجة الحتمية لهذا المسار.
وفي السياق، قال مصدر سوري معارض، إن “الفصائل المنتشرة قرب منبج وتل رفعت راقبت على مدار الأيام الماضية وصول تعزيزات للجيش السوري، وعندما استفسرت عن الموقف المطلوب اتخاذه لم تتلقّ أي تعليمات تركية جديدة، حيث اقتصرت التعليمات على ضرورة ضبط الأمن الداخلي في مناطق انتشار الفصائل، ومنع أي محاولات لزعزعة الاستقرار”.
وفي ضوء ذلك، تراقب الفصائل المنتشرة في ريف حلب عمليات التصعيد المتواصلة من “هيئة تحرير الشام” لتتعرف أكثر إلى الموقف التركي، في حين تُعتبر “الهيئة” إحدى أبرز الفصائل التي تعتمد عليها تركيا في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة.
ومن بين السيناريوات التي تنظر فيها الفصائل، يبرز احتمال تخلي أنقرة عن “حليفتها”، ما يعني ضمنياً الاعتماد على الفصائل على حساب “الهيئة”، أو إنهاء الحالة الفصائلية أيضاً عن طريق قضم المناطق تباعاً، وفق جدول زمني محدد.
وبينما تسود حالة الصراع حول النفوذ، يأتي الإعلان عن استكمال العملية السياسية ضمن المسار الأممي، والتي يتوقع أن تعاود اشتغالها خلال الشهرين المقبلين بعد الاتفاق على المدينة الجديدة التي ستستضيف أعمال اللجنة بدلاً من جنيف، لتعيد التذكير بحالة الانفصال شبه التام بين تلك الفصائل والواجهة السياسية للمعارضة المنخرطة في المسار السياسي، الأمر الذي يزيد من تعقيدات الموقف.
شاهد أيضاً : بايدن والتطبيع مع الأسد.. قرار المنع لن يصل الكونغرس ؟!