نعي “المساواة واللا عنصرية”.. سياسة فرنسا تفضح حقيقتها ؟!
نعت صحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها نهاية شهر حزيران، “المسيرة من أجل المساواة وضد العنصرية” والتي جرت 1983، لأن فرنسا لم تحرز أي تقدم ملموس في هذين الشأنين منذ ذلك الحين، لا بل تراجعت كثيراً في بعض المسائل.
وأضافت الصحيفة، أن “المأساة عينها تتكرر في كل مرة: شاب في مقتبل العمر يرفض الامتثال لأوامر الشرطة فيرمى قتلاً على يد أحد رجالها. إنه لخبر حزين يأخذنا في كل مرة إلى سيناريو حفظناه غيباً، فيما يتزامن التحقيق في ملابسات الجريمة مع غضب الشعب وحركة الاحتجاج”.
وفي خلفية الخبر موضوع واحد تخلفت الدولة حتى الآن عن معالجته، ألا وهو الظروف الاجتماعية التي يعيشها سكان الضواحي الشعبية، وغالبيتهم من الشباب المغربي والشمال الأفريقي الذي كانت بلاده يوماً ما إحدى المستعمرات الفرنسية فاتجه إليها سعياً إلى حياة أفضل، وتعامل الشرطة وقوى الأمن معهم في ظل شبه انعدام الخدمات العامة في هذه المناطق.
وتشير الصحيفة إلى “الكم الهائل من المقالات والمنشورات التي تناولت هذه القضية منذ 40 عاماً حتى اليوم، ولم تحرك الدولة ساكناً لحل هذه المسألة واستباق المآسي التي وقعت وتفادي زهق الأرواح وتأجيج سخط الشعب”.
وتساءلت الصحيفة، “ماذا فعلت الدولة لبناء علاقات متوازنة بين سكان الضواحي الفقيرة وعناصر الشرطة؟ لا شيء. لا بل سقطت سياسة حماية الأحداث من الجنوح وسياسة تعليم حقوق الإنسان في مخافر الشرطة”.
تابعونا عبر فيسبوك
وتابعت الصحيفة، أنه وأمام “ارتفاع مستويات الفقر والعوز في الأحياء الشعبية، اعتمدت الشرطة أسلوب الحفاظ على الأمن الذي يشبه إلى حد ما الأسلوب الأمريكي. ربما كانت هذه التقنيات فعالة في بعض الأحيان، لكنها فاقمت التوتر بين قوى الأمن والسكان المعنيين، ودمرت أي تواصل بينهما”.
وتشير صحيفة “لوموند” بالقول إنه كان أجدى بقوى الأمن الفرنسية “التماثل بقوى الأمن الألمانية التي تعتمد أكثر على التواصل والحوار مع السكان”.
وفي المقابل، أكدت الصحيفة، أن “الفكر اليميني المتطرف منذ 40 عاماً يطغى على الرأي العام في فرنسا، بالتالي، على رجال الأمن أيضاً، ليستحيل عندها أن نتوقع تصرفاً لائقاً منهم تجاه سكان الأحياء الشعبية والمهاجرين. وقد بقيت هذه العلاقة من بين الأمور التي لم يوضع لها إطار”.
وأضافت، “لعل فرنسا ترزح تحت عبء تاريخها الاستعماري الثقيل، ففي الحقيقة، تبقى المساواة بين المواطنين واقعاً بعيد المنال إذ إن السكان المتحدرين من دول الاستعمار الفرنسي ما زالوا يعتبرون “أدنى شأناً” من غيرهم وكأنهم مشتبه في أمرهم باستمرار. وإن كانت الحكومة الفرنسية غير قادرة على طرح هذه المواضيع على طاولة حوار صريح فالأمور ستذهب من سيئ إلى أسوأ”.
والجدير ذكره أن حتى المؤسسة القضائية التي شهدت تغيرات ملحوظة في السنوات الـ40 الماضية، من زيادة عدد النساء فيها، وعدم توانيها عن سجن الشخصيات المرموقة السياسية والفنية والرائدة في مجال الأعمال عندما توجه التهم إليها، لم تفعل الكثير في مجال تعامل الشرطة مع سكان الأحياء الشعبية، بحسب ما رأته الصحيفة.
وأردفت قائلةً: أن أبرز مثال على ذلك هو “حادثة مقتل الشاب الغيني الحسين كامارا على يد رجل شرطة في شارانت 14 حزيران. تم توقيف الشرطي المتهم في 29 حزيران ومن ثم أطلق سبيله”.
ولا شك أنه على مر السنين، تم تخصيص مبالغ من المال لدعم السكن والتعليم، ولكن اللحمة الوطنية التي تصل الشعب بمؤسسات الدولة لم تتم معالجتها.
ورأت الصحيفة، أن “الحل الوحيد المجدي والممكن هو الحشد والتنظيم والتمثيل الديمقراطي بهدف التأسيس لمشاركة ديمقراطية في المؤسسات السياسية كالشرطة، فوحدها المؤسسات تبني الشرعية في وجه احتكار العنف المفترض في يد الدولة وحدها”.
وختمت الصحيفة، “ثمة سؤال واحد مهم كي لا يذهب دم نائل سدى: هل ستصبح اللحمة الاجتماعية في بلدنا أولوية سياسية يوماً ما؟!”.
شاهد أيضاً : “الاحتجاجات قد تتحول لحرب أهلية”.. فرنسيون يحذّرون ؟!