“ماكرون” في خطر !
أسفر مقتل مراهق من أصول عربية برصاص الشرطة الفرنسية في إحدى ضواحي باريس إلى اندلاع موجة غضب واسعة تطورت إلى أعمال شغب.
وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، قالت في تقرير لها عن الأوضاع في فرنسا “إن مظاهر العنف هذه ليست بجديدة على الساحة الفرنسية ولطالما شهدت ضواحي البلاد على موجات غضب عديدة على مر السنين. إن هذه الأحياء التي شُيدت لإيواء العمال المهاجرين في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي أصبحت مرادفة للحرمان والصراع العرقي والاستهداف من قبل الشرطة. وللأسف، أصبحت مرادفة للامبالاة”.
وأضافت الوكالة، “سوف يتطلب الأمر إرادة سياسية كبيرة لجعل أحداث اليوم مختلفة عن آخر مرة اندلع فيها العنف في عام 2005. يبدو أن أعمال الشغب خفت بعد أن تم نشر قوات إنفاذ القانون والبالغ عددها 45 ألف جندي كما وبعد جنازة المراهق الفرنسي نائل الذي قتل يوم الثلاثاء. وقام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإلغاء زيارة رسمية له كانت مقررة إلى ألمانيا، بعد أن أدرك أن ما تمر به البلاد ليس بأزمة عادية. وتجدر الإشارة إلى أنه تم دفع ما يقدر بنحو 100 مليون يورو (109 ملايين دولار) كتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمتاجر ومراكز التسوق والبنوك وغيرها”.
وتابعت الوكالة، “الأمور ليست جيدة. لا يتمتع ماكرون بأغلبية برلمانية وخسر رأس المال السياسي في دعم إصلاحات معاشات التقاعد والتي ساهمت في اندلاع أعمال عنف غير عادية أدت أيضًا إلى تأجيل زيارة دولة، هذه المرة من الملك تشارلز. في غضون ذلك، أصبح اليمين المتطرف أكثر شعبية من أي وقت مضى. وأظهر استطلاع على الإنترنت أجرته صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية مؤخراً أن زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان تتقدم بنسبة 39 في المائة أي بفارق ست نقاط عن ماكرون. أما اليسار المتطرف، الذي رفض الدعوة إلى الهدوء، فتتراجع أسهمه. في غضون ذلك، لا يزال رئيس الوزراء السابق من يمين الوسط، إدوارد فيليب، يتمتع بشعبية جيدة. ولكن، كيف وصل الأمر بنا إلى هنا وما الذي علينا القيام به حيال ذلك؟”.
تابعونا عبر فيسبوك
وبحسب الوكالة، “هناك جانبان للعنف يحتاجان إلى معالجة: الأول هو الشرارة – في هذه الحالة، الرصاصة التي أنهت حياة نائل – والثاني سكان الأحياء الفقيرة والتي تشكل قنبلة موقوتة بسبب الاستياء وقلة التعليم والبطالة. في ما يتعلق بالجانب الأول، تحتاج الشرطة الفرنسية إلى الخضوع لعملية تغيير حقيقية. تختلف فرنسا عن الولايات المتحدة، فالدولة الأوروبية لا تشهد على استخدام مفرط للأسلحة النارية من قبل مواطنيها كما أن عدد سجنائها أقل وشبكة أمانها الاجتماعي أوسع. لذلك، فإن المصدر الأساسي لمشاكلها هو في عدم وجود رقابة”.
وتابعت الوكالة، “الشرطة الفرنسية لا تستطيع الإشراف على نفسها. وأشار سيباستيان روش من مركز الأبحاث الوطني إلى زيادة الوفيات على أيدي الشرطة بعد قانون مكافحة الإرهاب لعام 2017. لم يكن في كليشي سو بوا، مركز أعمال الشغب عام 2005، مركز شرطة حتى عام 2010 على الرغم من ارتفاع معدل حدوث الجرائم. وقال ميشيل زكلر، منتج موسيقي أسود البشرة والذي تعرض للضرب المبرح من قبل الشرطة في الاستوديو الباريسي الخاص به، في عام 2021 لكاتب المقال: “لا تخبرني أنه لا توجد عنصرية لدى الشرطة بعد ما مررت به”.
وبحسب الوكالة، “أما بالنسبة للجانب الثاني، فقد استمر عزل الأغنياء والفقراء في فرنسا، حتى بعد أن تم تقليص عدم المساواة من حيث الدخل بين الافراد. كما وأن الوصول إلى الخدمات العامة غير متكافئ بين الافراد، ولا يزال يتعرض الكثير من العاملين للتمييز في العمل. ربما ازدهرت باريس لكن ضواحيها تشهد حالة من الركود. ووصف علي رابح، رئيس بلدية ترابس، ذلك بـ “الفشل التام للجمهورية”. وما زاد الأمر سوءاً هو التضخم وانتشار كوفيد-19. وحذر العشرات من المستشارين المحليين في أيار من أن الضواحي في حالة يرثى لها، حيث أدت تكاليف البناء المرتفعة إلى توقف مشاريع التجديد الحيوية، كما وساهم الوباء في إظهار المشاكل التي يعاني منها القطاع الصحي”.
وتابعت الوكالة، “كتب أليكسي دو توكفيل ذات مرة أن كل جيل هو شعب جديد. إلا أن أعمار مثيري الشغب، حوالى 17 عاماً، ما يدل على أزمة جديدة وهي أخطر قد تسبب بضياع الشباب الفرنسي. إن مشهد جر أب لابنه في الشارع ليلاً ودفعه باتجاه صندوق السيارة هو بمثابة تذكير بالعدد الكبير من العائلات التي تكافح من أجل السيطرة على أطفالها”.
وختمت الوكالة، “ليس هناك حل سحري، وإن ارتفاع العنف سيجعل من الصعب تحقيق بعض الحلول. لم يعد أمام ماكرون الكثير من الوقت للوفاء بوعوده للجيل الأصغر الذي يدعي أنه يمثله أو حتى لتجنب جولة جديدة من العنف في فرنسا”.
شاهد أيضاً: مليون يورو جائزة لمن يقتل عربياً أو إفريقياً في فرنسا ؟!