أزمة الخبز.. قائمة جديدة تضاف لمعاناة المواطن التونسي ؟!
وسط تبادل الاتهامات بين منتجي الحبوب وأصحاب المخابز حول السبب في ظاهرة غياب الخبز في تونس، استفحلت أزمة الخبز، خلال الأسابيع الأخيرة، بشكل ملحوظ، حيث سجلت البلاد نقصاً فادحاً في تلك المادة التي تعد إحدى أكثر المواد الغذائية استهلاكا لدى التونسيين.
فيما اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيد أن “لوبيات معارضة تسعى لتحريك الأزمة” وأن تلك الأطراف هي المسؤولة عن فقدان المواد الأساسية لإنتاج الخبز.
وخلال لقائه برئيسة الوزراء نجلاء بودن بن رمضان ووزيرة المالية سهام بوغديري، أثار سعيد قضية انعدام مادة الخبز بشكل لافت، قائلاً إن “الخبز والمواد الأساسية بالنسبة للمواطن خط أحمر، هناك أطراف تسعى لتأجيج الأزمة ولابد من اتخاذ إجراءات صارمة بحقهم حماية لقوت التونسيين وغذائهم.”
وشدد سعيد على أن “تقسيم المخابز إلى مصنفة وغير مصنفة، يثير مسألة التلاعب بالخبز عبر تقسيمه إلى خبز للفقراء وخبز للأثرياء”.
وتشكو المخابز في تونس منذ فترة ليست بالقصيرة نقصاً في المواد الأولية، خاصة الدقيق، وذلك في ضوء تراجع في المحاصيل الزراعية من الحبوب بفعل استفحال الجفاف وتداعيات أزمة الحرب في أوكرانيا.
حيث تواترت ظاهرة الطوابير الطويلة أمام المخابز أو المحلات التجارية التي تعرض الخبز بشكل لافت ونسق مرتفع، إذ يضطر الكثيرون إلى الانتظار طويلاً قبل أن يعودوا أدراجهم دون حاجتهم بسبب نفاد الخبز سريعاً.
تابعونا عبر فيسبوك
يعتبر الكثير من التونسيين أن أزمة مادة الخبز التي تعد عنصراً أساسياً من غذائهم اليومي ناتجة عن توقف أصحاب المخابز عن إعداد الخبز العادي المدعوم من الدولة مقابل إنتاج أصناف أخرى من الخبز تبلغ أسعارها خمسة أضعاف سعر الخبز العادي.
وفي المقابل، يرى آخرون أن الأزمة مردها عدم التزود بالفارينة (الدقيق) المدعوم من الدولة والذي يذهب لغير مستحقيه.
وتعليقا على تفاقم أزمة الخبز في تونس، كشف الصادق الحبوبي، أمين مال غرفة الخبازين، أن “الأسباب المناخية تلعب دورا هاما في النقص المسجل في توفير الخبز، الجفاف الذي تشهده تونس أثر بشكل واضح، ثم أن الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة من شأنه أن يؤثر على نسق العمل والإنتاج”.
وأكدّ الحبوبي في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه “بالتأكيد هناك أطرافاً تسعى لتأجيج الأزمة واحتكار الدقيق المدعم، لكن وزارة التجارة تسعى لتعقب هؤلاء”.
تعمد بعض المخابز غير المصنفة (العشوائية) إلى الحصول على الحصة الكبرى من الدقيق المدعم من الدوائر الحكومية بطرق ملتوية مقابل حصول المخابز المصنفة على كميات قليلة جدا، وهو ما تسبب في نقص فادح في نسق توزيع الخبز لدى المخابز المنظمة، بحسب الحبوبي.
يرى أن “الوضع يسير نحو الانفراج حالياً، خصوصاً أن وزارة التجارة وفرت مؤخرا الدقيق المدعم وهو ما سيساهم في عودة عمل المخابز إلى نسقه العادي، الأزمة ستنفرج لا سيما أن الكميات المتوفرة حالياً تكفي المخابز حتى شهر سبتمبر المقبل”.
من جهته، يقر الخبير في السياسات الزراعية فوزي الزياني بأن: أزمة الحبوب في تونس ليست وليدة الأسابيع الماضية بل تعود إلى نحو 10 سنوات ومن مؤشراتها أن البلاد تستورد أكثر من 65 في المئة من حاجياتها من الحبوب.
يضيف الزياني في تصريحه لـ”سكاي نيوز عربية”: “الدولة التي تستورد أكثر من 60 بالمائة من حاجياتها من الحبوب تعيش تبعية غذائية، هذا أمر ثابت نبهنا له منذ سنوات، ولكن الحكومات المتعاقبة على تونس لم تصغ لتحذيرات الخبراء”.
ورأى أن “أزمة الخبز والحبوب تفاقمت بسبب غياب استراتيجية واضحة من السلطات رغم وجود مؤشرات عن الأزمة أبرزها انتشار كوفيد 19والحرب في أوكرانيا والتغيرات المناخية (الجفاف واشتداد الحرارة).
وتحتاج تونس إلى خمسة ملايين طن من القمح سنوياً لتغطية حاجياتها الغذائية، وذلك حسب أرقام منظمة الأغذية والزراعة العالمية، وتستورد تونس 80 في المئة من حاجياتها من الحبوب من أوكرانيا.
شاهد أيضاً: تراجع أسعار الذهب مقابل صعود الدولار ؟!