سياسة جديدة لتركيا في الشمال السورية.. “الائتلاف” خارج الحسابات ؟!
بدأت تركيا بإجراء العديد من التعديلات بسياستها في مناطق الشمال السوري والذي تنتشر فيه الفصائل الموالية لأنقرة، مستهدفةً بها لـ”إنهاء حالة الفوضى التي تعيشها المناطق المذكورة”، وتمهيداً لـ”استكمال مشاريع بناء قرى وبلدات جديدة، لإعادة توطين اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا”.
وتشمل الإجراءات الجديدة التي بدأت بتغييرات في الهيكلية العسكرية لـ”نقاط المراقبة” التركية المنتشرة في “مناطق خفض التصعيد” المتفق عليها بين موسكو وأنقرة، استبدال عدد من ضباط الجيش التركي، بالإضافة إلى عدد من ضباط الاستخبارات المشرفين على بعض ملفّات الشمال السوري.
ويبرّر أحد المصادر هذا الإجراء الأخير بنقطتين: الأولى، تتعلّق بـ”محاولة قطع العلاقات العميقة التي نشأت بين الضباط وبعض المتنفّذين على الأرض”، والثانية مرتبطة بـ”محاولة تنشيط الدور العسكري التركي والتخلّص من حالة الركود التي تسبّب بها الروتين اليومي”، وفقاً لما نقلته صحيفة الأخبار اللبنانية .
وتأتي هذه التغييرات بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الهجمات ضمن مناطق “خفض التصعيد”، عبر محاولة مقاتلين تابعين لـ”هيئة تحرير الشام” شنّ هجمات مباغِتة على نقاط الجيش السوري، أو محاولة استهدافها بالقذائف الصاروخية والطائرات المسيرة كما حدث قبل ثلاثة أيام عندما أُطلقت ثلاث طائرات قام الجيش بإسقاطها.
الأحداث الأخيرة جعلت “الأوساط المعارضة السورية” تتسأل حول “الدور الجديد الذي تستعدّ أنقرة للعبه في الملفّ السوري، في ظلّ تأرجحها بين المعسكرَين الروسي والأمريكي، ومحاولتها استعادة علاقتها القوية بواشنطن من جهة، وإعادة الانفتاح على دمشق وفق خريطة الطريق الروسية من جهة ثانية”.
وفي الإطار نفسه، تكشف مصادر سورية “معارضة”، أن “ملف إعادة انتخاب رئيس جديد لـ(الائتلاف السوري المعارض) لا يزال قيد النقاش، في ظل تعثّر الاتفاق على رئيس جديد حتى الآن، نتيجة عدم تلقّي (الائتلاف) أيّ توجيهات تركية مباشرة، كما جرت العادة سابقاً”.
تابعونا عبر فيسبوك
وتربط المصادر “صمت أنقرة التوجيهي بطرح من قِبَلها، تتمّ مناقشته، حول إمكانية تصعيد (الحكومة المؤقّتة) المنبثقة أصلاً من (الائتلاف)، لتلعب الدور السياسي المحدود الذي كان يلعبه الأخير سابقاً، إلى جانب (هيئة التفاوض السورية)”.
وأضافت المصادر، أن “اللقاء الأخير الذي عقده رئيس (الحكومة المؤقتة)، مع المدير الإقليمي للملفّ السوري في وزارة الخارجية الأمريكية، نيكولاس غرينجر، في ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا، لمناقشة العقوبات التي فرضتها واشنطن على خمسة فصائل معارضة، يصبّ في تعزيز دور (الحكومة المؤقتة) الجديد، بعدما كان (الائتلاف) هو الذي يتولّى عقد هذا النوع من اللقاءات التي ستزداد في الفترة المقبلة”.
وقالت المصادر: إن “هذا يأتي في أعقاب انتخاب (هيئة التفاوض) بدر جاموس رئيساً لها – قبل أقلّ من شهر – لدورة جديدة، تمهيداً لإعادة استكمال مسار (اللجنة الدستورية) المجمّد، والذي قد تتمّ إعادة تنشيطه خلال الشهرين المقبلين بعد الاتفاق على نقل مقرّ عقد لقاءاته، من جنيف السويسرية إلى مسقط في سلطنة عمان، وفق ما اتفقت عليه (لجنة الاتصال) الوزارية العربية في الاجتماع الأول لها الذي استضافته القاهرة في الخامس عشر من الشهر الحالي”.
وأِشارت المصادر، إلى أن “الطرح التركي المرتبط بتصعيد (الحكومة المؤقتة)، التي كانت تولّت مسؤولية إدارة بعض المؤسّسات التي أنشأتها تركيا في الشمال السوري، هو لتحقيق مجموعة من الأغراض، من بينها التخلّص من العبء المالي المستمرّ الذي يتطلّبه (الائتلاف)، علماً أن أنقرة خفّضت تمويلها للأخير إلى أدنى حدّ منذ تأسيسه، وتعمّدت خلال الأشهر الماضية تأخير المدفوعات له بهدف زيادة الضغط عليه، قبل أن تتدخّل قطر وتقوم بتمويل بعض أنشطته”.
ولفتت المصادر إلى أن تركيا “تريد من المعارضة السورية الاعتماد على نفسها اقتصادياً، وفق خطّة يمكن لـ(الحكومة المؤقتة) تنفيذها، بالإضافة إلى التخلّص من التدخل الدولي المستمرّ في شؤون (الائتلاف) الذي ينشط خارج سوريا”، مستدركةً بأن خطوة كهذه “قد لا يتمّ اتخاذها بشكل مباشر، وإنما عبر تصعيد مستمرّ لدور (الحكومة المؤقتة) و(اللجان المحلية) بصفتها الاعتبارية، وتقليص مستمر لدور (الائتلاف) الذي يمثّل الواجهة السياسية للمعارضة”.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، بدأت تركيا، وفق المصادر، دراسة “إمكانية ربط مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، باستثناء إدلب، بمرجعية سياسية تركية واحدة، بدلاً من حالة الشتات السابقة التي تسبّب بها ربط المناطق بولايات مختلفة، وذلك عن طريق تعيين (حاكم واحد) يضمن تحكّماً مركزياً مطلقاً”.
شاهد أيضاً : أمريكا تكشف موعد الانسحاب من سوريا ؟!