التشرّد يهدّد الأوروبيين.. ولا حلول مُقترحة !
استغنى عديد من الأشخاص عن خططهم الرامية إلى امتلاك شقق سكنية جديدة، وقرّروا العودة إلى سوق “الإيجارات”، ذلك في ضوء ارتفاع تكلفة الائتمان، في ظل مستويات الفائدة الحالية، ضمن السياسات النقدية المتشددة الرامية لكبح جماح التضخم.
ويضطر عديد من الأوروبيين إلى استئجار المنازل تحت وطأة تكاليف الاقتراض العقاري المرتفعة ومتطلبات الدخل والحاجة إلى ودائع كبيرة تجعل شراء المنازل أمراً صعب المنال في المرحلة الحالية، لكنهم ينضمون إلى سوق ساخنة بالفعل تشهد تغيرات واسعة في مستويات الأسعار التي بلغت مستويات قياسية.
تابعنا عبر فيسبوك
وذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية في تقريرها أنّ الإيجارات في المدن الأوروبية، مثل لندن وباريس وبرلين، بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق؛ ويشعر المستأجرون بالضغط من الجزر اليونانية إلى تالين.
مع اضطرار المزيد من المشترين من الطبقة المتوسطة إلى البقاء في منازل مستأجرة، ومع الضغط الإضافي على السوق، أدى ذلك إلى زيادة التكاليف التي يتحملها المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض في المواقع المرغوبة.
وقال رئيس الأبحاث العالمية في وكالة سافيلز العقارية، بول توستيفين: “الإيجارات ترتفع في جميع أنحاء أوروبا في مواجهة العرض المحدود والطلب القوي من المستأجرين المحليين والمستأجرين الدوليين الذين ينتقلون للعمل والدراسة، والمشترين المحتملين الذين لجأوا إلى العقارات”.
وفي الوقت الذي انخفض متوسط الإيجارات في بعض الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة، فإن تكلفة السكن في مراكز التوظيف والمناطق السياحية الساخنة لا تزال تصل إلى مستويات عالية جديدة، لكن النقص في المنازل يجعل هذه المناطق غير قادرة على تلبية الطلب؛ وفي النهاية، يعني ذلك أن التشرد آخذ في الارتفاع.
على الجانب الآخر، وبينما يتجه السكان إلى الحضر على المدى الطويل، وهو اتجاه أساسي بالغ الأهمية، إلا أن جائحة كورونا خلقت جيوباً محلية للغاية من الطلب النهم في مدن وأحياء محددة.
وسعت الحكومات الأوروبية إلى احتواء نفقات معيشة سكانها بعد ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء وغيرها من التكاليف الحاسمة في السنوات الأخيرة، إلى جانب تكلفة السكن، لكن محاولات السيطرة على تكاليف السكن يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، بحسب تقرير الصحيفة البريطانية.
واستخدمت بعض البلدان أدوات سياسية لصالح ملكية المساكن، وبحسب القائم بأعمال رئيس قسم الاقتصاد العام في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بوريس كورنيد، فإن الإعفاء الضريبي على أقساط الرهن العقاري، على سبيل المثال، جعل الاقتراض خياراً جذاباً في هولندا.
أمّا في إيطاليا، فلا توجد مثل هذه الحوافز الضريبية، والبنوك أكثر حذراً بشأن الإقراض والإعفاء من قروض الرهن العقاري.
وسجلت لشبونة واحدة من أسرع الزيادات في الإيجارات في الأشهر الستة حتى حزيران، حسبما تظهر بيانات من “سافيلز”.
وفي برلين، في حين تم إلغاء الحد الأقصى للإيجارات قبل عامين، فإن ضوابط الإيجار الأخرى على بعض العقارات تعني أن سكانها يتمتعون بأسعار رخيصة للمنازل الفسيحة، في حين يتم تسعير الوافدين الجدد من أجزاء كثيرة من المدينة ويتمتع الملاك بسلطة هائلة.
وصرّح المحلل الاقتصادي بصحيفة فاينانشال تايمز، أنور القاسم أنّ معضلة ارتفاع أسعار الإيجارات المنزلية في جميع أنحاء أوروبا باتت تُضيق الخناق على المستأجرين وخاصة فئة الشباب، وهذا ما دفع المشترين من الطبقة المتوسطة إلى البقاء في منازل مستأجرة، كما أدى لضغط إضافي ولزيادة التكاليف التي يتحملها المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض.
وكشف أنّه “من المتوقع أن تظل سوق الإيجار في أوروبا ضيقاً بسبب ارتفاع تكاليف البناء وتحديات التطوير وزيادة تكاليف الديون، التي تزيد الضغط التصاعدي على أسعار الإيجارات”.
وأشار خبير العقارات في بريطانيا جوناثان رولاند إلى أنّ الإيجارات ارتفعت بسرعة خلال عامي 2022 و2023، بنسبة تصل إلى 20% أو أكثر في كثير من الحالات، ويرجع ذلك إلى زيادة الطلب، على اعتبار أن عديداً من الأشخاص غير قادرين أو اختاروا عدم الشراء خلال هذه الفترة من عدم اليقين.