لماذا تسعى أمريكا لاستمرار “تنظيم الدولة” في سوريا ؟!
لم تكن الاشتباكات التي اندلعت وانتهت مؤخراً بين قوات “قسد” من جهة وقوات العشائر وعناصر “مجلس دير الزور العسكري” بالشيء المفاجئ لأصحاب القرار في أمريكا، لأن الكثير من التقارير حذّرت أنفاً من حصول ما جرى.
ومن أبرز تلك التحذيرات في “التقرير النهائي لمجموعة دراسة سوريا”، الصادر في 24/9/2019 عن لجنة وكّلها الكونغرس الأمريكي رسمياً بوضع استراتيجية أمريكية عامة في سوريا، رداً على إصرار الرئيس السابق دونالد ترامب على الانسحاب منها.
وحسب الموقع توصّلت تلك اللجنة، المكوّنة من ممثّلين بارزين للحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس، إلى ضرورة تعزيز الدور الأمريكي في سوريا سياسياً وعسكرياً، من أجل: مواجهة “عودة تنظيم الدولة”، وتصاعد النفوذين الروسي والإيراني، وسعي نظام أردوغان لاجتثاث “قسد”، وحالة الانفلات المحتملة نتيجة إساءة تعامل “قسد” مع الأغلبية العربية في المناطق التي تنتشر فيها.
لكن محللون أكدوا أنّ عودة “تنظيم الدولة”، أو إعادة تفعيله في سوريا، باتت حاجة داخلية أمريكية للدولة العميقة في أمريكا، كي تبرّر استمرار بقائها في المنطقة الشرقية حيث النفط السوري، في مواجهة نزعة تيار ترامب للانسحاب منها.
تابعونا عبر فيسبوك
تقريرٌ آخر صدر عن “مجلس الأطلسي” في 20/1/2021، بعنوان “عيوب السياسة الأمريكية تجاه العشائر في سوريا”، حذّر أيضاً من أن سياسة واشنطن في سوريا تبدو أكثر انحيازاً للكرد منها إلى العرب، وأن ذلك يدفع العشائر إلى أحضان لاعبين آخرين “مثل الحكومة السورية وإيران اللذين يستغلان صلاتهما مع العشائر لزعزعة استقرار المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية”، بحسب ما جاء في التقرير.
لا بدّ من الإشارة، على الهامش، إلى أن “مجلس الأطلسي” ليس مركز أبحاثٍ عادياً، لأنه يحظى بصلات متينة مع صنّاع القرار عبر الأطلسي، ولا سيما أمريكا وبريطانيا، وأن مسؤولين كباراً في الدولة العميقة الأمريكية تعاقبوا على رئاسته أو تخرّجوا منه، وأنه يعد، بصورةٍ غير رسمية، من مؤسسات حلف “الناتو”، مع أنه مسجّل كمنظّمة غير حكومية.
في جميع الأحوال، يضيف تقرير “مجلس الأطلسي”، بشأن نقائص السياسة الأمريكية في الحسكة والرقة ودير الزور، أن واشنطن سعت إلى دمج عشائرها في “قسد”، في حين بقي القرار النهائي في المجالس المحلية بأيدي “مستشارين كرد” لتلك المجالس.
أشارت تقارير إعلامية سورية وروسية في 23/7/2023 إلى زيادة عديد القوات الأمريكية في سوريا، بعد نقل بعضها من العراق، هذا الصيف، على خلفية تزايد الاحتكاكات مع روسيا.
لكنّ المصادر الأميركية ما برحت تتكتّم على عدد الجنود الأمريكيين في سوريا، وإن كانت مواقع أمريكية مختلفة تصرّ على نغمة “900 جندي على الأقل، إضافةً إلى عدد غير معلن من المتعاقدين العسكريّين”.
وخلال شهر آذار الفائت، صوّت 56 نائباً من الحزب الديمقراطي، إلى جانب 47 نائباً من الحزب الجمهوري، مع مشروع قرار يدعو إلى سحب القوات الأمريكية من سوريا في غضون 6 أشهر.
فشل القرار طبعاً، وكان ممن ساندوه مشرّعون كثرٌ يرون استمرار الوجود العسكري الأمريكي في سوريا منذ 2015، من دون تفويض رسمي، تجاوزاً لصلاحياتهم من طرف السلطة التنفيذية.
ومن هنا أهمية “إعادة تفعيل تنظيم الدولة” سوريّاً. فما دام “التنظيم” مفعّلاً، فإن هؤلاء يغلبون كفة “محاربة الإرهاب”، وإلا فإنهم يدعون إلى تحديد مهمة واضحة للقوات الأمريكية في سوريا يقرّها الكونغرس. فإذا كانت المهمة الانخراط مباشرةً في الحرب على سوريا، لا عبر أدوات فحسب، فإن ذلك يفتح باباً كبيراً لا يمكن إغلاقه.
شاهد أيضاً : بعد توقف المعارك في الشرق.. القوات الأمريكية تستأنف “سرقة النفط السوري ” ؟!