«حتى الحطب!».. الدفء حكراً على الأثرياء !
بعد أن تم تخفيض مخصصات الأسرة السورية من المشتقات النفطية المدعومة من غاز ومازوت وندرة هذه المواد رغم توفرها في السوق السوداء بأسعار تزيد عن 15 ألف ليرة سورية لليتر المازوت الواحد، و150 ألف لأسطوانة الغاز، وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي شبه الدائم، أجبر هذا بعض السوريين على استعادة عاداتهم القديمة باستخدام الحطب أو أية أشياء قابلة للاشتعال كمصدر للتدفئة.
فقد خرج الحطب من اعتباره مصدراً للدفء بالنسبة للغالبية المفقرة بسبب ارتفاع تكاليفه، ليتم احتكار دفئه من قبل القلة الثرية!
لكن لم تقتصر ظاهرة الاحتطاب على تغطية بعض الحاجات الأسرية على المستوى الفردي، بل باتت ظاهرة منتشرة بشكل واسع في كل المحافظات السورية، ووصلت إلى التعدي على الممتلكات الخاصة والبساتين، وعلى الأشجار المزروعة في الحدائق العامة.
تابعنا عبر فيسبوك
وما يجري منذ سنوات هو إزالة للأشجار باستخدام آليات ومعدات ومناشير حديثة، لتقوم بقطع ونقل الأخشاب يومياً ، لتذهب تلك الأخشاب المحتطبة بعد ذلك للأسواق كي تباع للمواطنين المضطرين والمحتاجين لوسائل التدفئة البديلة المتاحة.
وسبق أن صرّح مدير الزراعة في اللاذقية، باسم دوبا لصحيفة محلية أنّ محافظة اللاذقية شهدت في الأعوام الأخيرة تزايداً كبيراً في التعديات على الثروة الحراجية وذلك بسبب عدة عوامل انعكست سلباً على الحراج.
وأشار المدير إلى أنّه بسبب قلة مصادر الطاقة (غاز- مازوت-…) وارتفاع أسعارها بشكل كبير برزت ظاهرة الاعتماد على الأخشاب والأشجار الحراجية بديلاً عن المحروقات لسد الاحتياجات المنزلية المختلفة (تدفئة– طهي-..) ما زاد من وتيرة التعدي على الغابات والحراج وخلق صعوبات كبيرة في أعمال حمايتها، وزاد من صعوبة ذلك ظهور مجموعة من الأشخاص امتهنت التعدي على الحراج وتهريب الأخشاب والأحطاب الحراجية.
ووفقاً لصحيفة “قاسيون” المحلية، فإنّ أشهر البرد القارس خلال فصل الشتاء تبلغ حوالي 120 يوماً، والاعتماد على المازوت للتدفئة يحتاج وسطياً 4 ليتر يومياً، أي 480 ليتراً خلال هذه الأشهر، ومع التقشف 400 ليتر خلال فصل الشتاء، فإذا تم استلام 50 ليتراً بالسعر المدعوم، فإن ذلك يعني الاضطرار لتأمين 350 ليتراً بالحد الأدنى عبر السوق السوداء وبسعرها، أي بتكلفة تتجاوز مبلغ 5 ملايين ليرة، بحال كان الليتر بسعر 15 ألف ليرة.
وفي المقابل، فإن اللجوء للحطب للتدفئة يحتاج وسطياً 10كغ يومياً، أي بكمية 1.2 طن خلال أيام البرد، ومع التقشف 1 طن، وسعر الحطب وسطياً هو 2 مليون ليرة/طن.
وبناءً على ذلك، فإنّ استخدام الحطب للتدفئة على الرغم من تكلفته المرتفعة هو أقل تكلفة من المازوت، وأكثر دفئاً منه، ومع ذلك فإن هذا وذاك من وسائل التدفئة (مازوت-حطب) هي خارج إمكانات الغالبية المفقرة في ظل ظروفها المعيشية الصعبة ودخلها المحدود، وليبقى المفقرون يلتحفون البرد، أو يضطرون للاستعانة بكل ما هو متاح من مواد قابلة للاشتعال (بلاستيك- أقمشة بالية- أكياس نايلون…) عسى يحصلون على بعض الدفء منها، على حساب صحتهم وعداد عمرهم!.
شاهد أيضاً ما هي أبرز معوقات الاستثمار في سوريا ؟!