«سياسة البازوكا».. حين خذل العرب دمشق مرتين!
«أربع فِرَقْ مسلحة تحاصر دمشق، كل فرقة لديها 3 قاذفات صواريخ من نوع «بازوكا».. تضرب «البازوكا» داخل دمشق، فتحصل فوضى، وتصل الفرق إلى القصر الجمهوري وينتهي الأمر!»..
هذه الخطة لإسقاط عاصمة كدمشق والتي رواها وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم، لا تصلح حتى كـ«مسلسل كرتوني»..
لكن هناك من وضع هذه الخطة فعلاً.. وشرحها بحضور 50 مسؤولاً سياسياً وعسكرياً واستخباراتياً من عدة دول عربية بالإضافة إلى الولايات المتحدة وتركيا.
هذه خطة السعودية بخط يد «بندر بن سلطان» عام 2011 لإسقاط حكومة دمشق..
فهل كانت هذه أول مكيدة عربية لضرب سوريا؟ ومن تخلى عن الآخر؟ سوريا أم العرب؟
سياسة البازوكا
«لكل فعل رد فعل، يساويه في الشدة، ويعاكسه في الاتجاه».. هذه أحد أشهر قوانين الفيزياء.. لكنها تصلح تماماً لشرح العلاقة بين سوريا وجيرانها العرب، بدءاً من أقرب جار وصولاً إلى الجار السابع على ساحل البحر الأحمر.
لم يكن انتصار ثورة الخميني في إيران عام 1979 الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين عرب الخليج خاصة، الذين أقلقهم «تصدير الثورة» إلى دولهم، وبين سوريا التي رحبّت بها واعتبرتها «أعظم حدث في التاريخ».. بل كان هناك حدث أهم سبقها، وهدد دور سوريا الإقليمي وحقوقها المسلوبة من قبل «إسرائيل».
قبل انتصار ثورة الخميني بسنتين، كان الرئيس المصري أنور السادات يستريح في مقر الضيافة بدمشق، بعد أن جاء لإقناع الرئيس الراحل حافظ الأسد بالذهاب معه إلى القدس المحتلة، وعقد صفقة سلام مع «إسرائيل»..
حينها كانت قيادات سياسية وعسكرية سورية تقترح على الأسد اعتقال السادات في دمشق، لمنعه بالقوة من السفر إلى القدس، لكن الرئيس السوري رفض اقتراف هذه «الفضيحة القومية»!
انتهى الأمر بمعاهدة سلام، أخرجت مصر من الصراع مع «إسرائيل».. وآلمت سوريا كثيراً
ثم جاء انتصار الثورة الإسلامية في إيران، فرأت سوريا أن إسرائيل كسبت مصر السادات، لكنها خسرت إيران الشاه!
وبعد سنوات عقدت الأردن والسلطة الفلسطينية اتفاقات سلام مع «إسرائيل».. وبقيت عيون سوريا على «إسرائيل»، بينما عيون العرب على إيران.. وكان ما هو أخطر من ذلك!..
تابعونا عبر فيسبوك
«بـازوكا» الثمانينات
خريف 1980.. حشدت سوريا 20 ألف مقاتل وأكثر من 1000 دبابة على حدود الأردن، وهددت بأنها ستلجأ إلى «وسائل غير أخوية» للدفاع عن أمنها
كان ذلك بعد اتهامها الأردن بدعم الإخوان المسلمين في تمردهم داخل سوريا وإقامة معسكرات لتدريبهم في مدينة إربد، وتقديم كافة الخدمات التي توفر للجماعة الأصولية القيام بأعمال تفجير في دمشق والمدن السورية
لم تكن الأردن بقيادة الملك حسين وحدها في هذا الأمر.. كان معها قادة دول عربية مثل صدام حسين وياسر عرفات.
خلال 10 سنوات من بداية الثمانينات حتى بداية التسعينات، كانت الرياح العربية تسير بما لا تشتهي سفن دمشق، وزاد الأمر سوءاً انهيار الحليف الشيوعي.. فكانت إيران الخميني ضرورة قبل أن تكون خياراً.
وكانت المعادلة منذ ذلك الوقت أنه «كلما ابتعد العرب عن سوريا أكثر، اقتربت سوريا أكثر فأكثر من إيران»
اليوم هناك 4 دول عربية انضمت أيضاً للسلام مع «إسرائيل».. فصاروا 7 دول، بالإضافة لدول أخرى تصافح «إسرائيل» سرّاً.. فكيف يمكن لدمشق أن تثق بهذه الدول، خاصة مع افتراض حدوث أي مواجهة محتملة مع «إسرائيل»؟
معظم الدول العربية ذات التأثير الإقليمي والدولي تعود اليوم إلى سلوك طريق دمشق لغاية احتواء سوريا، من منطلق أن إغلاق أبواب العرب أمام سوريا يعمّق علاقاتها بإيران.. وتتعاطى دمشق بإيجابية مع خصومها العرب تحت ضغط الظروف التي خلفتها الحرب.
لكن ماذا عن جسور الثقة التي ستقود دمشق إلى هذه الأبواب، بعد عقود من التخلّي العربي وسياسة «البازوكا»؟
وسام إبراهيم
شاهد التقرير بطريقة الفيديو: «سياسة البازوكا».. حين خزل العرب دمشق مرتين