تقرير: سوريا.. 13 عاماً من العزلة
سقطت من الخريطة في سنوات الصراع الأولى.. أو هكذا اعتقد خصومها!.
أمريكا أعلنت منذ البداية أنها تعمل لعزل حكومة دمشق.. بريطانيا دعت الدول إلى إجراء منسق ضد الحكومة السورية لعزلها.. وتركيا لوّحت بعزل نظام الحكم في دمشق على طريقة عزل صدّام في التسعينات.
تعالوا نخبركم كيف كان حال سوريا عام 2013 نتيجة أحداث ما عرف بـ”الربيع العربي”، ثم كيف أصبح حالها بعد 10 سنوات من ذلك التاريخ.
مظاهرة صغيرة في درعا البلد ربيع 2011، حوّلت سوريا في السنوات اللاحقة إلى ساحة حرب شرسة بالوكالة بين قوى إقليمية ودولية.
عام 2013.. وصل عدد الجماعات المقاتلة إلى 1000 جماعة، تضم نحو مئة ألف مقاتل، كثيرون منهم قدموا من خارج الحدود.
توزعت السيطرة على الخريطة السورية بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة ووحدات كردية.. والجماعات الجهادية (داعش والنصرة) التي بدأت تتمدد على حساب الجميع!.
أكثر من 30 دولة سحبت سفراءها من سوريا.. وسمح الاتحاد الأوروبي بتسليح المعارضة، أما الدول العربية فعلقوا عضوية سوريا ثم منحوا مقعد الحكومة للمعارضة وسمحوا بتسليحها!.
بلغ عدد الضحايا حتى صيف 2013 نحو 100 ألف شخص من جميع أطراف النزاع، وفق إحصائية أممية، بينما نزح أكثر من مليوني شخص خارج الحدود، ونحو 6 ملايين داخلها.
كانت المرحلة الأخطر في ذلك العام قرار أمريكا توجيه ضربة عسكرية لسوريا بذريعة ضرب الجيش السوري غوطة دمشق بأسلحة كيماوية، لكن سرعان ما خرجت روسيا بمبادرة تقضي بتسليم الحكومة السورية ترسانتها الكيميائية إلى المجتمع الدولي مقابل تفادي التدخل العسكري الأمريكي، وهو ما حدث لاحقاً.
في نهايات العام 2013 كانت موازين القوى تتغير لصالح الحكومة السورية، بعد سيطرتها على القصير، وتحييدها مدينة حمص من الصراع المسلح، وتطويقها للجماعات المسلحة في غوطة دمشق.
حدث ذلك بينما كانت جماعة الإخوان المسلمين تتقهقر في دول عربية وصلت فيها إلى سدة الحكم مثل مصر وتونس، وتراجع معها نفوذ تركيا وقطر، الدولتين اللتين كانتا رأس الحربة في تجييش ودعم الاضطرابات في دول الربيع العربي.
في السنوات اللاحقة تغيرت خرائط الصراع.. وحطت على الأرض السورية قوات من 3 دول رئيسية في الحرب، هي أمريكا وتركيا وروسيا.
سيطر الجيش السوري على المدن الرئيسية، وحيّد مدن الوسط والجنوب من الصراع بدعم من روسيا، بينما صارت مناطق شرقي الفرات بيد الوحدات الكردية تحت مسمى “قسد” بدعم من أمريكا، ومناطق الشمال الغربي موزعة بين تنظيم الجولاني الجهادي وفصائل معارضة موالية لتركيا.
تابعنا عبر فيسبوك
فكيف أصبح حال سوريا عام 2023؟
شباط الماضي قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن «إجماعاً بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل النظام السوري».منذ عام 2018 بدأت دول عربية تعيد علاقاتها مع دمشق، لتكون النتيجة إنهاء تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية قبل أشهر، وظهور الأسد بين الزعماء العرب في قمة جدة الأخيرة، بينما لا تزال قطر والكويت والمغرب ترفض تطبيع العلاقات.
عندما تتوجت عمليات التطبيع بعودة علاقات سوريا مع السعودية، وتقدم المفاوضات مع تركيا، استهلت عدة صحف معتبرة تعليقها على الحدث بتساؤل يقول: هل بدأت نهاية عزلة دمشق؟.
صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية كتبت: إن عزلة دمشق الطويلة “تقترب من نهايتها”.
خلال سنوات الحرب كان أقصى ضغط وعزلة من أجل الحصول على تنازلات، لكن الخصوم تحوّلوا من الضغط الأقصى للحصول على تنازلات، إلى التحرك نحو تقديم المحفّزات لدمشق لحل المشكلات التي جلبتها الحرب، مثل مشكلة اللاجئين التي أرهقت دول الجوار، خاصة في تركيا والأردن ولبنان!.
العثرة الوحيدة المتبقية لإنهاء عزلة سوريا الدولية كلياً تكمن في أمريكا.. لا تزال واشنطن تمسك بورقة العقوبات، وورقة وجودها في الشرق السوري، وورقة سطوتها على القرار الأوروبي.
يعتقد كثيرون أن التصلّب الأمريكي قد يستمر حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، حيث لن يقدم بايدن على خطوة الانسحاب العسكري من سوريا خشية استخدام هذه الورقة ضد حزبه في الانتخابات، خاصة بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، بينما يعتقد آخرون أن التحولات في الموقف الأمريكي مرهونة بالمرونة السورية اتجاه مبادرة الحل الأردنية.. وتبقى الإجابة رهن الأيام المقبلة!.
شاهد أيضاً: “مرسوم عسكري روسي”.. بوتين يرد على تحركات الناتو ؟!