ورقة الحل الأردنية.. هذا ما قدمته سوريا وهذا ما قدمه العرب!
أزالت الحواجز من شوارع البلاد الرئيسية.. أصدرت عفواً عاماً.. وأنهت محاكم الميدان العسكرية.. أصدرت 3 قرارات تسريح للضباط وصف الضباط الاحتياطيين، وسمحت أيضاً للأمم المتحدة باستخدام المعابر الحدودية لإيصال المساعدات إلى مناطق سيطرة المعارضة.
هذا أبرز ما فعلته حكومة دمشق منذ عودتها إلى جامعة الدول العربية.. فهل جاءت هذه الخطوات استجابة لـ”المبادرة الأردنية” للحل في سوريا على قاعدة “خطوة مقابل خطوة”؟.
وإذا كان الأمر كذلك فما هي “المكافآت” التي حصلت عليها دمشق مقابل خطواتها؟، وهل ما يحدث يعني أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح؟.
منتصف شهر آب الماضي، وخلال اجتماع في القاهرة لـ”لجنة الاتصال العربية” المكلفة بمتابعة تنفيذ مبادرة الحل الأردنية، سأل المجتمعون وزير الخارجية السوري فيصل المقداد: أين الورقة؟!.
كان من المفترض حينها أن يأتي المسؤول السوري حاملاً ورقة تتضمن برنامج عمل يتوافق مع المبادرة الأردنية، لكن المقداد لم يبدِ تجاوباً، بل طالب وزراء الخارجية الحاضرين بأن “يطالبوا الغرب برفع الحصار عن سوريا، بدل أن يطالبوها بتقديم تنازلات تُرضي الغرب”!.
المصادر المطلعة نقلت صورة عن الاجتماع تقول إن الأجواء كانت “مشحونة”، وظهر وكأن المبادرة الأردنية ستموت قبل أن تولد.. لكن في الكواليس والغرف المغلقة قد لا تكون الأجواء بهذه الدرجة من السوء، وما حدث خلال الاجتماع أمر طبيعي يحدث في أية مفاوضات بين طرفين للحصول على مكاسب أو تنازلات!.
تبدأ المبادرة الأردنية بـ”خطوات بناء الثقة” تشجع على سلوك إيجابي تدريجي من الطرفين.. خطوات إيجابية من سوريا مقابل حوافز من المجتمع الدولي.
تابعونا عبر فيسبوك
قبل اجتماع لجنة الاتصال العربية في القاهرة، كانت الحكومة السورية قد سمحت باستمرار استخدام معبر «باب الهوى» لإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة المعارضة لمدة 6 أشهر، بعد انتهاء تفويض مجلس الأمن لإدخال المساعدات عبر هذا المعبر، كما سمحت الحكومة بتقديم المساعدات الخارجية عبر معبري باب السلامة والراعي الحدوديين مع تركيا.
لاحقاً.. ومنذ اجتماع القاهرة حتى اليوم.. أصدرت الحكومة السورية عدة قرارات، أهمها إنهاء محاكم الميدان العسكرية، وعفوٌ عام، كان قد سبقه 3 مراسيم عفو عام 2022، كما أزيلت الحواجز من شوارع البلاد الرئيسية، وصدرت 3 قرارات تسريح لدفعات من الاحتياطيين.
وكشف ضابط كبير في وزارة الدفاع عن وضع جدول زمني لتحديد مدة الخدمة الاحتياطية بحيث لا تتجاوز العامين، فيما يبدو أنه توجه سوري فعلي لإنهاء أهم مظاهر الحرب في البلاد.
كانت هذه الإجراءات أبرز ما جاء في “ورقة” خطوات بناء الثقة السورية، سواء كتبتها دمشق لمراقبيها العرب أم أبلغتهم بها شفهياً.. ولكن ماذا قدّم العرب ومجتمعهم الدولي لسوريا حتى الآن.. أين ورقة الحوافز أو المكافآت؟ هل تظهر قريباً؟!.
تطلب المبادرة الأردنية من الحكومة السورية أن تضع خطة تفصيلية لتسهيل عودة اللاجئين، ولكن دمشق تقول: «كيف يمكن للاجئ أن يعود من دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس ولا صحة للعلاج».
أساسيات العودة مفقودة، وتحتاج إلى تمويل وإعادة إعمار، وهو ما تنتظر الحكومة السورية من دول المبادرة أن تقوم به لتساعدها على إعادة مواطنيها، وأهم خطوة يجب يقوموا بها هي إقناع أمريكا برفع العقوبات، لكن العرب يقولون إن أمريكا ترفض وتريد تنازلات سورية لرفع العقوبات، ويوصلون رسالة لدمشق بأن واشنطن ترى خطواتها غير كافية أو غير جادة.
قبل “اجتماع القاهرة” بأيام قليلة، قال الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية إن العلاقات مع الدول العربية لم تتغير “في العمق”، وطالما أنه لا يوجد حلول للمشاكل فإذاً “العلاقة ستبقى شكلية”.. فهل لا يزال الاتفاق بين سوريا والدول العربية بعيد المنال؟.
هل طويت ورقة الحل الأردنية؟ أم إن أموراً إيجابية حدثت في الغرف المغلقة مؤخراً ويمكن أن تظهر نتائجها قريباً؟.
شاهد أيضاً: “حرب غزة” بعد دخولها شهرها الثالث.. المشهد يتكرر بضحايا جدد ؟!