إيران.. البجعة السوداء في سوريا !
يقال: “إن التفاوض هو فن تقسيم الكعكة بطريقة ينصرف بعدها كل من الحضور معتقداً أنه حصل على الجزء الأكبر”.
ويقال في “الوسيط” بين طرفي النزاع إنه يجب أن يملك «الوزن السياسي» ليتمكن من لعب هذا الدور.
في سوريا تحوّلات مهمّة للخروج من حالة الاستعصاء.. تتصدر “المبادرة الأردنية” هذه التحولات.. وتأخذ فيها عواصم عربية دور «الوسيط» بين دمشق وواشنطن للوصول إلى حلّ نهائي يرضي الجميع.
قالها العرب صراحة إنهم في مبادرتهم يريدون “تبديد مخاوف أمريكا” لإحداث خرق في الاستعصاء السوري، فما هو تخوّف أمريكا الأكبر؟.
والأهم.. ما مدى قدرة العرب كـ”وسطاء” على إقناع واشنطن بدفع ثمن التجاوب السوري؟.
في عالم التفاوض هناك ما يسمى “البجعة السوداء”.. هي اللغز المحيّر، ونقطة ضعف الخصم المخبأة، التي يجب اكتشافها واستغلالها.
يتحدث خصوم دمشق خلال المفاوضات عن الدستور والجيش واللاجئين والمعتقلين والقوات الأجنبية.. لكن أمريكا صاحبة الدور القائد كطرف في الحرب والتفاوض تريد أمراً واحداً فقط هو الهدف النهائي والباقي تفاصيل: تريد خروج القوات الإيرانية من سوريا.. ودمشق تدرك ذلك جيّداً، وتعرف أن إيران هي بجعة الخصم السوداء!.
تابعونا عبر فيسبوك
تمتلك إيران 55 قاعدة وأكثر من 500 نقطة عسكرية في سوريا، بحسب تقارير إعلامية، لكن الوجود الإيراني العسكري الرسمي يقتصر على عدة مئات من المستشارين، أما الحضور الكبير هو للفصائل الموالية لإيران، والذين يبلغ عددهم وفق التقديرات نحو 65 ألف عنصر، ينضوون ضمن 70 فصيل.
تكشف “المبادرة الأردنية” عن برنامج محدد للتنفيذ ينتهي إلى أن الخطوات المتوقعة من دمشق وحلفائها هي سحب جميع الممتلكات الإيرانية العسكرية والأمنية من سوريا وانسحاب الفصائل الموالية لها، مقابل انسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب، بما في ذلك القوات الأمريكية، ورفع العقوبات، وتمويل المانحين لإعمار سوريا.
حتى الآن، ورغم تنفيذ دمشق خطوات من المرحلة الأولى للمبادرة، مثل إصدار عفو عام وقرارات تسريح وإزالة الحواجز من شوارع المدن الرئيسية، لم تحصل على أية مغانم اقتصادية من الوسطاء العرب، أو إعفاءات جزئية من العقوبات الغربية.. حتى الاستثناءات الأمريكية من العقوبات عقب الزلزال المدمر تم إنهاؤها في أوج الانفتاح العربي على سوريا!.
إذا كانت المرحلة الأولى من المبادرة متعثرة نتيجة عدم حصول دمشق على الحوافز المتوقعة، فكيف تثق بالوسيط العربي وقدرته على إقناع واشنطن بالتقدم خطوة نحو الأمام؟ وعليه كيف ستتحرك دمشق نحو الخطوة المتعلقة بإيران طالما أن التجاوب مع الخطوة الأولى جاء عكس التوقعات؟.
يجادل البعض أن الدول العربية لديها ورقة ضغط مهمة وهي المساعدات المالية لإعادة الإعمار، لكن ذلك يتوقف أولاً وأخيراً على قبول واشنطن رفع عقوباتها.
استعادة العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول العربية، ليس لها أي تأثير خارجي أو اقتصادي على سوريا، فقانون قيصر لا يزال مفروضاً ويمنع أي تعاون اقتصادي معها.
إذن.. فالعرب لا يمكنهم وحدهم طرح الحلول!.
صيف 2018.. حطت طائرة إماراتية خاصة في مطار دمشق، وكانت تحمل وفداً أمريكياً أمنياً رفيع المستوى، قدّم عرضاً واضحاً ومحدداً بسحب القوات الأمريكية من سوريا مقابل انسحاب القوات الإيرانية من الجنوب السوري فقط.
رفضت دمشق العرض لأن هناك أثمان أخرى يجب أن تدفعها واشنطن كإعادة العلاقات ورفع العقوبات!.
فإذا عرفنا أن انسحاب إيران هو الهدف النهائي، وأن أمريكا فاوضت سوريا مباشرة حول هذه النقطة، وتعرف منذ ما قبل ولادة المبادرة الأردنية بسنوات ما الثمن المقابل.. بعد كل هذا ما الداعي لـ”وسيط” لا يملك وزناً؟ ولا يحلّ ولا يربط؟!.
شاهد أيضاً: تسجيل صوتي يضع ترامب في “ورطة”.. هل تكون الشعرة التي قسمت ظهره ؟!