معلومات عن صالح العاروري قبل اغتياله في بيروت !
شكّل اغتيال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية مع 2 من قادة كتائب القسام و4 من عناصر الحركة صدمةً كبيرة على المستويين اللبناني والفلسطيني، في عملية تجاوزت فيها إسرائيل الخطوط الحمر.
ويأتي الاغتيال الذي أكدت “المقاومة اللبنانية” أنه لن يمر دون عقاب، تنفيذاً لتهديدات إسرائيلية باغتيال قادة المقاومة الفلسطينية داخل فلسطين المحتلة وخارجها.
وكان العاروري قد تلقى تهديداً مباشراً على لسان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في آب 2023 حين هدده بالاغتيال، متهماً إياه بالوقوف خلف هجمات بالضفة الغربية، كما وصفته حينها صحيفة “يديعوت أحرونوت” بـ”رأس الأفعى”.
فماذا نعرف عن صالح العاروري؟ ما هي أبرز المعلومات التي تُكشف عنه؟ ماذا قيل عن الرجل “الذكي والهادئ”؟
وُلِد صالح العاروري في 19 آب عام 1966 في قرية عارورة الواقعة شمال غرب مدينة رام الله، ودرس الشريعة في جامعة الخليل، وسمي العاروري نسبةً إلى قريته.
التحق “صالح محمد سليمان خصيب” بعمر مبكر بجماعة الاخوان المسلمين، ثم انضم – حينما كان في بدايات العشرينيات – لكوادر حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد أشهر من انطلاقها عام 1987، وشارك في تأسيس جناح القسام العسكري في الضفة الغربية بين عامي 1991-1992.
يقول عصمت منصور – الذي أمضى 20 عاماً في السجون الإسرائيلية- لشبكة “BBC” البريطانية، إنه رافق لسنوات طويلة في السجن صالح العاروري منذ عام 1994، ووصفه بأنه “شخص ذكي.. هادئ.. لا يتحدث كثيراً، وكان يفكر بطريقة استراتيجية ومنظمة ويتمتع بحس أمني مرتفع”.
ويلفت منصور إلى أنّ العاروري أمضى معظم سنوات سجنه الطويلة ضمن الاعتقالات الإدارية ودون محاكمة لأن “التهم لم تكن تثبت عليه”.
وبحسب التقارير فقد أفرج عن العاروري -بعد أكثر من عقد على اعتقاله- في عام 2007، لكن إسرائيل أعادت اعتقاله حتى أفرج عنه عام 2010.
وفي هذا السياق، يقول منصور إن العاروري أدى من داخل السجن دوراً محورياً وهاماً في قيادة صفقة مفاوضات تبادل الأسير جلعاد شاليط، التي أفرج بموجبها عن 1027 معتقلاً فلسطينياً من بينهم رئيس حركة حماس الحالي في غزة، يحيى السنوار.
يقول منصور: “اجتمع العاروري والسنوار بقيادات حماس في سجن النقب.. وحسموا تفاصيل الصفقة النهائية إذ كانت فيها عقبات أمام قيادات الحركة في الخارج.. إثر ذلك، أُفرج عنه قبل إتمام الصفقة بشهور ربما لإعطائه مجالا في إتمام ترتيبات صفقة التبادل”.
وبعد ذلك، قضت المحكمة العليا الاسرائيلية بإبعاد العاروري عن الأراضي الفلسطينية، حيث انتقل إلى سوريا -التي خرج منها بعد تطورات الحرب السورية- منتقلا إلى تركيا وقطر، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية في لبنان.
وانتخب صالح العاروري عام 2010 عضواً في المكتب السياسي لحماس، ثم انتخب نائباً لرئيس الحركة عام 2017، وهو ما نُظر إليه حينها على أنه تأكيد من حماس على خطها القتالي ضد إسرائيل، وذلك باختيار شخصية تقود العمل العسكري في الضفة، ومقربة من إيران، في ثاني أرفع منصب في الحركة.
وبعد أيام قليلة من انتخابه، زار العاروري طهران، والتقى علناً بعد فترة وجيزة بنصر الله، وفقاً لتقارير إخبارية فلسطينية في ذلك الوقت.
وفي تشرين الأول الماضي، بعد الهجوم الذي قادته حماس وأدى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل، ظهر العاروري وهو يجتمع مع نصرالله، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية زياد النخالة.
وناقش الثلاثة آليات “تحقيق النصر الشامل ووقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية”، حسبما نقلت قناة المنار.
ولطالما كان صالح العاروري على رأس المطلوبين لإسرائيل، إذ يوصف بـ “مهندس” الهجمات في الضفة الغربية المحتلة ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، وإطلاق الصواريخ من غزة ولبنان، كما أن الإعلام الإسرائيلي وصفه بـ كابوس إسرائيل وعرّاب العلاقات مع إيران و “حزب الله”، وهو مدرج على قائمة الإرهابيين الدوليين الأميركية.
يشار أن القوات الإسرائيلية هدمت منزل العاروري الواقع في بلدته العارورة بالضفة الغربية نهاية تشرين الأول الماضي، كما اعتقلت عشرين شخصاً بينهم شقيقه وأبناء شقيقه.
وعن سياق اغتيال العاروري، يقول مدير مجموعة ريماركس لتحليل العنف السياسي مراد بطل الشيشاني، إنه رغم عدم تبني إسرائيل للعملية، إلا أن كل الأصابع تتجه نحو “إسرائيل”، فاغتيال العاروري يعبر عن تحول نوعي في العمليات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، التي يبدو أنها على أبواب مراحل عملياتية جديدة في غزة.
ويقول الشيشاني لـ”BBC” إنّ اغتيال صالح العاروري الذي يمثّل همزة الوصل بين المقاومة اللبنانية والفلسطينية، يُذكر بكثير من عمليات الاغتيال التي نفذتها “إسرائيل” ضد أشخاص ذوي أدوار عملياتية هامة، مثل محمود المبحوح في دبي عام 2010، والمهندس محمد الزواري في تونس عام 2016.
ويقول مدير مجموعة ريماركس لتحليل العنف السياسي إن ما حدث يأتي في سياق عاملين أساسيين، الأول: استهداف قيادات فصائل غزة القريبة من إيران، والثاني: استهداف القيادات التي ما زال لها دور عملياتي بارز.
ويضيف الشيشاني: “إسرائيل لديها قناعة دائما منذ اغتيالها أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي بأن ضرب القيادات يؤدي لتفكيك هياكل المجموعات المسلحة..كما أن هذه العملية تُعبر عن رسالة لحزب الله في الضاحية الجنوبية.. إذ تُذكّر بعمليات مشابهة كاغتيال رضى موسوي قبل أيام في دمشق.. وقبلها عماد مغنية، أيضا في دمشق.. وهذا يأتي في سياق استهداف قيادات حماس ضمن حواضنها الخارجية.. ما يعني التعامل مع غزة كملف خارجي.. وبالتالي تولي الموساد دفة القيادة في التنفيذ والبحث عن صفقة”.
شاهد أيضاً: مرض خطير يجتاح المدارس المصرية !