عقد “قسد” الاجتماعي.. ديمقراطية من كوكب آخر !
كيان وعقد غير معترف به من أي جهة، أعلن عن نفسه من طرف واحد، مرفوض قانونياً وسياسياً واجتماعياً، يقفز فوق الواقع.. ويؤسس للانفصال، والمفارقة الأكثر غرابة أنه ينص على مواجهة «الرأسمالية» بينما يحتمي بأكبر دولة رأسمالية في العالم.. أمريكا.
أواخر العام الفائت غيرت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا تسميتها وهيكليتها، وأطلقت ما سمي بـ”العقد الاجتماعي”.
إقليم واحد و7 مقاطعات.. وتحرك نحو انتخابات بلدية وانتخابات مجالس ومقاطعات.. وأخيراً انتخاب مجلس شعوب ديمقراطي”.
تتكرر كلمة “ديمقراطية” في عقد “قسد” بطريقة ملفتة، حتى إن إدارتها صار اسمها “الإدارة الذاتية الديمقراطية”.. ولكنها ديمقراطية من نوع غير مألوف على وجه الأرض!.
أول خطوة في ديمقراطية “إدارة قسد” أنها صنعت عقداً اجتماعياً على يد أشخاص لم يتم انتخابهم من قبل من تسميهم “شعوب” شمال شرقي سوريا.. كما أنهم يمثلون جهة سياسية واحدة، وحزباً واحداً بعينه هو “حزب الاتحاد الديمقراطي” الذي صاغ عقداً يناسب أهدافه الانفصالية وأهداف مشغليه في “جبال قنديل” بالعراق!.
حتى إن من أعلنت “إدارة قسد” عن اختيارهم لإجراء حوارات ديمقراطية فيما بينهم بمناطق سيطرتها، تبيّن أنهم يمثلون حزبها الواحد فقط.. أي أنها تحاور نفسها بنفسها!.
الخطوة الثانية أنه تم العمل على العقد والإعلان عنه من طرف واحد دون تنسيق وحوار مع باقي الأطراف السورية.. وقرر هذا الطرف بنفسه أن يغيّر اسم “الجمهورية العربية السورية” إلى “جمهورية سوريا الديمقراطية”!.
الخطوة الثالثة أن “إدارة قسد” تحدثت في العقد الاجتماعي عن إقامة نظام ديمقراطي اجتماعي “وفق مبادئ الحداثة الديمقراطية في مواجهة الحداثة الرأسمالية”.. بينما تستمد دعمها الكامل من أمريكا الرأسمالية!.
حتى الانتخابات في الأنظمة الأقل ديمقراطية يوجد قضاء مستقل أو شبه ذلك يشرف على العمليات الانتخابية.. وهذا غير متوفر شرقي الفرات!.
تابعونا على الفيسبوك
يقول مسؤولو “قسد” إن العقد الاجتماعي تضمّن نماذج لدول فيدرالية مثل العراق وسويسراً!.
أولاً النموذج العراقي هو أسوأ نموذج فيدرالي في العالم، وصفه مختصون بالنموذج “الأعرج”، قائم على أساس النفوذ الخارجي للولايات المتحدة وإيران، وقد وصلت مخاطرة حدّ مطالبة إقليم كردستان في أربيل مؤخراً بإجراء استفتاء على الانفصال.. وهو ما يخشاه السوريون من تحرك “قسد” في سوريا.
وأما ثانياً فالفيدرالية في سويسرا أساسها طائفي مذهبي.. فتخيّل يرعاك الله النماذج التي استمدت منها “إدارة قسد” عقدها الاجتماعي.
لا تملك “الإدارة الذاتية” وعقدها الاجتماعي أية شرعية، ولا يوجد أي اعتراف رسمي بها لا داخلي ولا خارجي، حتى من قبل دول الغرب التي تدعمها.. وتسعى لفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح وقوة أمريكا!.
هي حتى خارج المفاوضات الجارية أو المعلّقة لحل الأزمة في سوريا، فلا وجود لها في مفاوضات جنيف سابقاً أو اللجنة الدستورية حالياً، أو حتى في أستانا، بل على العكس يتم التعامل مع جناحها العسكري “قسد” في بيانات بعض الأطراف الفاعلة في الملف السوري على أنه “تنظيم إرهابي” ويجب تفكيكه.
“إدارة قسد” تقول للسوريين على كامل جغرافيا البلاد: هذا قراري وحكمي، حكمت به على نفسي وعليكم جميعاً، فإما أن تقبلوه وإما أن نفترق إلى غير رجعة، وهو هدف قادات وكوادر الإدارة منذ سنوات.
أخيراً، يبقى الحكم النهائي للأيام القادمة.. للأطراف السورية التي ترفض جميعها مشروع “قسد” حكومة ومعارضة، وللأطراف الإقليمية مثل تركيا التي ترفض إقامة أي كيان كردي على حدودها الجنوبية، وتستغل تهوّر قيادات هذا الكيان لقضم المزيد من الأراضي السورية.. والأيام بيننا.
شاهد أيضاً: الخوارزميات.. سلاح جديد في ساحات الحرب !