خذ هذه من أجل غزة.. ماذا يعني فوز غالاوي في بريطانيا ؟!
زلزال أصاب المشهد السياسي البريطاني، بعد ان اكتسح جورج غالاوي زعيم “حزب العمال” البريطاني الانتخابات البرلمانية في منطقة روتشديل شمال غربي إنكلترا، منتزعاً مقعداً في مجلس العموم، الذي بقي له عام واحد لانتهاء دورته الحالية.
وفاز غالاوي (69 عاماً) بأكثر من 40% من مجموع الأصوات، بعد حملةٍ انتخابية تركّزت حول الدعوة إلى إنهاء الحرب في غزة.
ووفق الهيئة الناظمة للانتخابات، فإن حوالي 40% من الناخبين المسجّلين شاركوا في الاقتراع لملء مقعد في مجلس العموم كان قد شغر بوفاة النائب عن “العمل”، توني لويد.
وأنهى فوز غالاوي سلسلة من الانتصارات الحاسمة التي حقّقها «حزب العمل» المعارض، بزعامة كير ستارمر، في انتخابات فرعية سابقة، ودائماً على حساب “المحافظين” بزعامة رئيس الوزراء ريشي سوناك، الذي انهار التأييد الشعبي له بعد عقد ونصف عقد من الأزمات المتراكمة، وسوء الإدارة، والفضائح، وتعاقُب الشخصيات الباهتة على رئاسة السلطة التنفيذيّة في البلاد.
وعلى رغم أن فوز غالاوي لن يكون له على الأرجح تأثير كبير على مجمل السياسة الرسمية البريطانية، إلا أن الرجل معروف بقدرته على الجدل والخطابة وجرأته البالغة في طرح وجهات نظر، تعتبرها النخبة الحاكمة بمثابة “هرطقة” تامّة.
تابعونا عبر فيسبوك
وغالاوي، الذي بدأ حياته السياسية نائباً عن “حزب العمل”، رفض إدانة هجمات السابع من تشرين الأول، قائلاً: “لا يمكنك أن تحشر الناس في وضع يتعرّضون فيه للقمع لـ 75 عاماً، ثم لا تتوقّع منهم ردّ فعل”، وهو أيضاً ناقد دائم للحروب التي يشنّها الأمريكيون حول العالم، بما فيها الحرب الحالية ضدّ روسيا، على الأراضي الأوكرانية.
ولم يكن كثيرون يتوقّعون فوز غالاوي، الذي ينحدر من أصول اسكتلندية، في منطقة عُدَّت دائماً معقلاً لـ”حزب العمل”، لكن الحزب تسبّب، ولو بشكل جزئي، في إرباك الحملة الانتخابية للمرشّح أزهر علي، بعدما قرّرت القيادة اليمينية التخلّي عن ترشيحه قبل أيام قليلة من التصويت، وذلك على إثر نشر تصريحات أدلى بها المرشح في وقت سابق بشأن الحرب “الإسرائيلية” على غزة، حاد فيها عن سياسة الحزب وتوجهاته المنحازة إلى “إسرائيل”.
لكن الواقع يقول إن قواعد “حزب العمل” وجمهوره التقليدي مستاؤون للغاية من مواقف قيادة الحزب المتعلّقة بحرب غزة، فيما كان جليّاً أن هذه المنازلة الانتخابية جرت على أرضية ساخنة من الانقسام المجتمعي حول الموقف من الإبادة “الإسرائيلية” المستمرّة في القطاع، علماً أن كير ستارمر رفض لوقت طويل الدعوة إلى وقف إطلاق نار فوري، ودعم مواقف الكيان العبري.
ووجّه غالاوي، في خطابه بعد إعلان فوزه أمس، كلامه مباشرة إلى كير ستارمر، قائلاً: “خذ هذا من أجل غزة”.
وأضاف وسط عاصفة من التصفيق: “لقد دفعتم، ولسوف تدفعون ثمناً باهظاً مقابل الدور الذي قمتم به في تمكين وتشجيع وتغطية الكارثة التي تحدث حالياً في فلسطين المحتلّة”.
وتابع غالاوي: “كل مسلم يشعر اليوم بمرارة من مواقف كير ستارمر وحزبه، لكنك ستكون من الحمق إذا لم تدرك أن ملايين المواطنين الآخرين في بلادنا هم أيضاً غاضبون”.
ومع ذلك، لا يعتقد أكثر المراقبين بأن فوز غالاوي يمكن أن يشكّل خطراً داهماً على حظوظ “حزب العمل” المعارض في الوصول إلى السلطة بعد الانتخابات العامة العادية التي ستجرى خلال أقل من عام، ويتقدّم فيها بشكل لافت على “المحافظين” الحاكم، وفق استطلاعات الرأي، إذ إن “حزب العمّال” هامشيّ مقارنة بـ”حزب العمل” العريق.
لكن خبراء يقولون إن “العمّال” يعدّ للمنافسة على 60 مقعداً في مجلس العموم المقبل تذهب تقليدياً إلى “العمل”، كما أن هناك فرصاً قائمة لانشقاقات واسعة في هذا الأخير، ما قد يعيق خطط ستارمر للوصول إلى “10 داونينغ ستريت”.
وتعليقاً على فوز غالاوي، وصف تجمّع لنواب يهود في البرلمان هذا الفوز بأنه “يوم مظلم للجالية اليهودية في بريطانيا، وللسياسة في هذا البلد بشكل عام”.
ودعا التجمّع، بقية نواب مجلس العموم، إلى اعتبار الفائز “منبوذاً”، وتجنّب التعامل معه، متّهماً إيّاه بأنه “ديماغوجي من أصحاب نظريات المؤامرة، لطالما جلب معه الانقسام والكراهية إلى كل ندوة برلمانية”.
شاهد أيضاً : بسرية تامة.. قائد القيادة المركزية الأمريكية يزور الشرق الأوسط ؟!