خريطة الجنرال.. يوم تحالفت روسيا وإيران في الميدان
عام 2015.. وبعد نحو شهرين من التدخل العسكري الروسي في سوريا زار بوتين إيران.. توجه مباشرة من المطار إلى حيث يقيم خامنئي ليقول له: “نحن على عكس الآخرين لا نطعن حلفاءنا في الظهر”!.
سقط الاتحاد السوفييتي.. وعادت روسيا بوتين بكل قواها لاسترجاع النفوذ خاصة في مجالها الحيوي.
أيضاً.. سقطت إيران الشاه وجاءت إيران الخميني بكل طموحها لفرض نفسها على الساحة الإقليمية والدولية بقوة.
عندما كان بوريس يلتسن يحكم روسيا كانت العلاقات بين طهران وموسكو أشبه بالفاترة.. لكن وصول بوتين إلى الكرملين غيّر كل شيء!.
ألغى القيصر اتفاقاً كان قد وقعه يلتسن مع أمريكا يحظر على روسيا بيع أسلحة لطهران.. وأعلن أن التعاون بين روسيا وإيران مهم لتوطيد الأمن والاستقرار في المنطقة.
اللافت أن إيران دعمت روسيا في حرب الشيشان.. وهو ما اعتبر براغماتية من قبل دولة ترفع شعار نصرة القضايا الإسلامية!.
تشاركت الدولتان المواقف والمخاوف من تقدم الناتو نحو الشرق .
وصار الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة بعد أحداث 11 أيلول تهديداً لروسيا وإيران.
العقوبات الأمريكية والأوروبية على الدولتين صارت عامل تقريب أيضاً.
تابعونا عبر فيسبوك
وكذلك الأحداث الخطيرة في سوريا عام 2011، التي هددت بتدمير الحليف الاستراتيجي الوحيد في الشرق الأوسط!.
فهل روسيا وإيران حليفان قويان في سوريا بالفعل؟ أم مجرد شريكين مؤقتين تجمعهما وتفرقهما المصالح؟.
روسيا دولة كبرى عالمياً، وإيران دولة كبيرة إقليمياً.. دعمت الدولتان سوريا كمصلحة مشتركة لكن بدوافع متباينة!.
دخول روسيا إلى سوريا كان فرصة لها لإعادة تموضعها كدولة كبرى في الساحة الدولية، والوصول إلى المياه الدافئة انطلاقاً من الجغرافيا السورية، وتنفيذ ضربة استباقية ضد التنظيمات الجهادية قبل وصول خطرها إلى الجمهوريات السوفيتية، فضلاً عن احتواء محاولات استهدافها اقتصادياً في سوق الطاقة.
إيران أيضاً دخلت إلى سوريا لتثبيت موقعها إقليمياً، ومنع إسقاط حليف استراتيجي، سيجعلها دولة مهمشة خلف مياه الخليج، لا ترى سواحل المتوسط أبداً!.
يقول كثيرون إن هناك صراعاً خفياً بين روسيا وإيران في سوريا.. فهل هذا صحيح؟.
تابعونا عبر فيسبوك
هل تعلم أن القوات الجوية الروسية حطت في مطار حميميم بطلب من دمشق وإلحاح من طهران؟!
صيف 2015 وقبل التدخل العسكري الروسي بشهرين، كشفت وكالة «رويترز» أن أحد كبار جنرالات إيران «قاسم سليماني» زار موسكو، وفتح خريطة شرح فيها للروس كيف يمكن تحويل التهديد في سوريا إلى فرصة للانتصار بمساعدة موسكو!.
حدث ذلك بينما كان خصوم دمشق يكثفون الدعم البشري والعسكري واللوجستي والاستخباراتي لفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية في سوريا.. وفي بعض الأماكن تدخلوا بشكل مباشر!.
يقال إن خريطة الجنرال الإيراني التي رافقته إلى موسكو كانت الخطوة الفعلية في التخطيط للتدخل العسكري الروسي، الذي أعاد تشكيل الحرب السورية، ونسجَ خيوط التحالف الإيراني الروسي لدعم دمشق.
جنرال إيران الأشهر كان أيضاً مهندس «اتفاق التعاون» الذي أبرمته كل من روسيا وإيران والعراق وسوريا لتبادل المعلومات الاستخبارية واتخاذ أعمال مشتركة ضد الجماعات الجهادية في المنطقة.
ما يجمع روسيا وإيران هو مواجهة امتداد النفوذ الغربي إلى سوريا.. وبالتحديد أمريكا.. وأيضاً مواجهة خطر التنظيمات الجهادية خشية امتدادها إلى آسيا الوسطى والقوقاز.
رغم التفاهم الروسي الإيراني في سوريا، لكن هذا لا يعني عدم وجود تباينات.. فإيران لا تخفي قلقها من التفاهم الروسي مع تركيا و”إسرائيل” في سوريا.
يقال إن إيران تخشى في مرحلة ما من حصول مقايضة روسية – أمريكية لإيجاد تسوية في سوريا تكون على حساب نفوذها في سوريا والمنطقة.. خاصة أن محور التسوية للصراع هو الوجود الإيراني.. لا أحد من خصوم سوريا العرب والأجانب يريد إيرانياً واحداً على أرض الشام، لكن الجميع يُجمع على القبول باستمرار الوجود الروسي! .
ولكن في النهاية: روسيا تريد وإيران تريد، وكل أطراف الصراع تريد.. وسوريا تفعل ما تريد!.
شاهد أيضاً: “مرتزقة مأجورين”.. تقارير إعلامية أمريكية تشوّه صورة حراك طلاب الجامعات ؟!