الصين.. تنين قادم من الشرق إلى الشرق !
أواخر 2022.. زار الرئيس الصيني السعودية، فأصدرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية بياناً صحفياً أعلنت فيه أن “الصين والسعودية معجبتان ببعضهما منذ العصور القديمة”.. ودعمت بيانها بقول النبي محمد “اطلبوا العلم ولو في الصين”!
في السياسة الخارجية للدول قاعدة بسيطة إلى حد مذهل، تقول: “أولاً لا تلحق الضرر”.. على هذه القاعدة تزحف الصين باتجاه الشرق الأوسط، ووفق سياسة “أصدقاء الجميع” باستثناء أمريكا!.
تشنّ بكين هجوماً دبلوماسياً في ملعب واشنطن الرئيسي (الشرق الأوسط).. وتخترق “بالحسنى” صفوف الدول الحليفة لأمريكا والمتنازعة معها على حد سواء.. وتدخل من بوابة أهم دولتين في الإقليم (السعودية وإيران).
ترى الصين في السعودية فرصة.. هذه الفرصة قدمتها أمريكا على طبق من فضة، حين هاجم بايدن عام 2020 المملكة ووصفها بـ«الدولة المنبوذة»، ثم أنهى مبيعات الأسلحة الهجومية لها، ورفض الدفاع عنها في وجه الصواريخ اليمنية التي دكت مراكزها النفطية الكبرى.. فكانت زيارة الرئيس الصيني للسعودية بعد عامين تتويجاً لـ«الدخول في حقبة جديدة» من العلاقات الصينية – العربية، وعد بها الرئيس تشي من على أراضي المملكة.
على ضفة الخليج الأخرى.. بنت الصين شراكة مع إيران التي تزودها بنفوذ هائل.. فطهران هي الحليف الأول للصين في الشرق الأوسط، وقد تزايدت العلاقات بين الاثنين بسرعة، حيث تتقاسم الدولتان مصلحة في قلب النظام الدولي الذي تقوده أمريكا!
وكانت وساطة الصين بين السعودية وإيران ربيع 2023، حيث جمعت الخصمين على أرضها لتطبيع العلاقات، تحولاً في الأدوار الدبلوماسية الاعتيادية للتنين الآسيوي.
حتى إن البعض تساءل يومها: هل التقارب الذي تم بوساطة صينية يعني أن نظاماً جديداً يتشكل في الشرق الأوسط؟.
ولكن هذا ليس كل شيء!.
تابعونا عبر فيسبوك
بينما كانت أصداء الوساطة الصينية بين الرياض وطهران تتردد في الأرجاء، اكتشفت المخابرات الأمريكية أعمال بناء في منشأة عسكرية صينية مشتبه بها في الإمارات تسمى “المشروع 141”.
هناك في قلب الإمارة الخليجية يعمل الجيش الصيني على بناء قاعدة شبه عسكرية، ضمن مخطط صيني لإنشاء شبكة عالمية تضم ما لا يقل عن 5 قواعد خارجية و10 مواقع دعم لوجستي بحلول عام 2030، معظمها في الشرق الأوسط وأفريقيا!.
حين اكتشفت الاستخبارات الأمريكية ما يحدث داخل الإمارات، قال مسؤول في إدارة بايدن لصحيفة “واشنطن بوست”: إن “«قادة الإمارات يعتقدون أن الصين مهمة للغاية في الوقت الحالي وتصعد في الشرق الأوسط.. والولايات المتحدة محقة في أن تشعر بالقلق”!.
الشركات الصينية تعزز وجودها بقوة قرب مضيق هرمز، واستثمرت مليارات الدولارات في خطوط أنابيب النفط ومحطات التخزين على طول الخليج العربي.. تقول مجلة “بوليتيكو” إن واشنطن تخشى أن تكون هذه الاستثمارات الضخمة كأساس ضمن خطة صينية لتطوير موطئ قدم عسكرية في الشرق الأوسط!.
سواء كانت أهداف الصين اقتصادية بحتة أم تحمل خلف ذلك أجندات نفوذ أكبر، لكن المؤكد أنها تعزز العلاقات الاقتصادية مع أبرز دول المنطقة، وقد وصل حجم التبادل التجاري مع الدول العربية عام 2022 إلى ضِعف ما كان عليه قبل 10 أعوام.. فقيل إن الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية!.
التنين القادم إلى الشرق الأوسط يتحرك ليكون محور السياسيات في المستقبل، بعد أن اعتمدت بكين سياسية أكثر جرأة في تحدي واشنطن، ولجأت إلى سلاح “التنمية”، في مواجهة السلاح الأمريكي الذي يعتمد المكائد والابتزاز وإشعال الاضطرابات!.
عام 2016.. استشهد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال كلمة له في جامعة الدول العربية بحكمة صينية تقول: “إن الصديق العزيز هو الذي يُتطلع إليه قبل الزيارة، ويُشتاق إليه بعد الزيارة”.
فإلى أي درجة ستتجه دول الشرق الأوسط شطر الشرق الصيني، وتشتاق لزيارة الرئيس تشي؟!.
شاهد أيضاً: بايدن تحت الضغط.. “نفاق إسرائيل” يخرج أمريكا عن طورها ؟!