سوريا على رأسها.. ما هي الأسباب الحقيقة لإلغاء زيارة أردوغان إلى أمريكا ؟!
بعد إلغائها بسبب مشكلات في جدولة المواعيد، يبدو أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقاء نظيره الأمريكي جو بايدن والتي كانت مقررة في الشهر الحالي لها أسباب أخرى، بحسب موقع ” Atlantic Council”.
فالخلافات التركية الأمريكية حول الحرب “الإسرائيلية” على القطاع، إضافة لاختلاف وجهات النظر فيما يتعلق بالملف السوري بين واشنطن وأنقرة، لعبت دوراً في إرجاء الزيارة إلى وقت آخر، رغم الزخم الكبير التي شهدته العلاقات بين تركيا وأمريكا في الأونة الأخيرة.
أنقرة تقول إن الوضع الأمني على حدودها الجنوبية مع سوريا هو “أولوية هامة لتركيا”، الأمر الذي لم يحظ بكبير اهتمام من الولايات المتحدة، أي إن الوضع بات بحاجة إلى تغيير، إذ يجب على كلا البلدين أن يركزا من جديد على حل الخلافات التي تتصل بسوريا، حتى لا تنفجر تلك الخلافات في نواح جديدة من التوتر الكبير الذي يشوب العلاقات الثنائية.
وبحسب مراقبين فإن الفروقات في الأولويات بين الولايات المتحدة وتركيا في سوريا تقوم على حقائق أساسية، إذ تركز كلتا الدولتين على “محاربة الإرهـ.ـاب والتهديدات غير التقليدية لسياستهما الخارجية”، بيد أن أهدافهما تختلف، إذ في سوريا، ركزت الولايات المتحدة بشكل رئيس على “محاربة تنـ.ـظيم الدولة”، كما حاربت تركيا “تنـ.ـظيم الدولة” بصورة مباشرة، لكنها اعتبرت “النهج الأمريكي المعادي للإرهـ.ـاب تهديداً لأمنها القومي”، فشراكة الولايات المتحدة مع “قسد” المصنف كـ”تنظيم إرهـ.ـابي” في أنقرة، أصبح مصدر القلق الأكبر على أمن تركيا من وجهة النظر التركية.
تابعونا عبر فيسبوك
إضافة لذلك يقول مراقبون، إن الشارع التركي والسياسيون الأتراك اتهموا فصيلاً يدعمه التركي فتح الله غولن الذي يعيش في بنسلفانيا الأمريكية بمحاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، وهذا ما وتر العلاقات بين البلدين.
منذ بدء الحرب على أوكرانيا، أقامت تركيا والولايات المتحدة مستوى جديداً للتعاون، ليتجاوز صفقات طائرات إف-16 وليشمل تأمين البحر الأسود وتقديم الدعم لأوكرانيا، فضلاً عن التعاون في مجال صناعة الدفاع، فقد شملت المساعدات التركية لأوكرانيا المسيرات المسلحة والقنابل العنقودية، كما فرضت تركيا اتفاقية “مونترو” التي تسمح لأنقرة بتنظيم مرور السفن العسكرية عبر مضائقها في زمن الحرب، وزودت “الناتو” بقذائف من عيار 155 ملم، وحمت المجال الجوي لدول الحلف في منطقة البحر الأسود، كما سهلت توقيع اتفاقية الحبوب بين أوكرانيا وروسيا “منعاً من ظهور أزمة غذاء عالمية”.
وحددت تركيا والولايات المتحدة مجالات التعاون بينهما، إلا أن خلافاتهما ماتزال بحاجة لحل، ثم إن الوضع في سوريا مقلق بشكل كبير، بما أن أي تصعيد جديد يمكن أن يعيق التقدم الذي أحرزته العلاقات الأمريكية-التركية مؤخراً، كما قد يجبر صناع القرار الأتراك على معالجة خطر أمني وشيك وغير تقليدي بات على أعتاب تركيا، بحسب مراقبين.
ووفقاً للمراقبين، فإن عدم تقديم الولايات المتحدة أي حل للأمور التي تقض مضجع تركيا وأمنها القومي، عندئذ قد تستغل روسيا هذا السيناريو وتستخدم سوريا مرة أخرى لممارسة الضغط على تركيا.
ومن وجهة نظر أمريكية، تعني مسألة الاحتفاظ بالوضع الراهن في سوريا استمرار “الإدارة الذاتية” في شمالي وشرقي البلاد، والتي عزمت تركيا على تدميرها، بيد أن “قسد” ومع كل يوم يمر تمثّل خطراً يهدد بعمل عسكري تركي جديد، بيد أنه من غير المجدي لتركيا والولايات المتحدة أن تعولا على دوام الهدوء النسبي السائد حالياً في سوريا، وفقاً للمراقبين.
وأضاف المراقبون، أن إلغاء زيارة أردوغان ما هو إلا عرض من الأعراض التي تشير إلى وجود مشكلة أكبر، إذ يجب على أنقرة وواشنطن أن تتبنيا منظوراً أوسع وأن تعربا عن رغبتهما بتقديم تنازلات استراتيجية لإدارة وحل المشكلات التي تفرقهما، وتتطلب الطبيعة المتغيرة للنزاعات في هذه المنطقة نهجاً جديداً يعمل على تقييم التحالفات التقليدية مع الاعتراف بالوقائع الجيوسياسية الجديدة.
واعتبر المراقبون بأن سوريا هي المفتاح لإقامة علاقات مستقرة وقوية، إذ من دونها لن تتمكن تركيا والولايات المتحدة من تحقيق أهداف العلاقة القائمة بينهما، كما يمكن لأي تصعيد إقليمي جديد أن يقوض كل هذا التقدم الحاصل مؤخراً في تلك الشراكة، ولهذا ينبغي على أنقرة وواشنطن ألا تسمحا لذلك بأن يحدث.
شاهد أيضاً : بازار لبنان.. كل شيء بمقدار إلا السوري بمليار!