آخر الاخباررئيسيمحليات

البنوك في سوريا.. جزء من الحلّ أم من المشكلة ؟!

عمر علاء الدين

تبحث “كيو بزنس” في هذا الملف عن الدور الذي من المفترض أن تلعبه البنوك والمصارف السورية في هذا الوضع الاقتصادي الحرج، فلماذا لا تقوم البنوك السورية بمشاريع استثمارية أو على الأقل تقدم قروضاً ذات نفع تجاري فعال ؟ وما الإضافة التي يقدمها 21 مصرف لها فروع في مختلف المحافظات ؟!

تمهيد

كان مطلب الإصلاح المؤسساتي والإداري للمصارف والبنوك هو القاسم المشترك لمعظم توصيات دراسة الجدوى التي قام بها بنك الاستثمار الأوروبي عام 2006، اطلعت “كيو بزنس” على نسخةٍ منها، كانت هذه الدراسة بطلب وإشراف الحكومة السورية.

معظم الأبحاث والدراسات التي عالجت القطاع المصرفي السوري في بدايات تطوره وانفتاحه أي بين عامي 2000 – 2009، أشارت إلى أنّ مركزية القرار التي تمتع بها المصرف المركزي والسلطة المباشرة لوزارة الاقتصاد ومن خلفها اللجنة الاقتصادية على البنوك، ساهمت بشكل أساسي بحرف العمل المصرفي عن وجهته الحقيقية ألا وهي الاستثمار.

إلزام وهدر

في تقرير نشره “المركز الاقتصادي السوري” في نوفمبر/ تشرين الثاني 2007، بعنوان “القطاع المصرفي في سوريا واقع وآفاق”، ورد الآتي: “كانت اللجنة الاقتصادية تضع خطط التسليف وتلزم المصارف بها، وتلزمها أحياناً بتزويد القطاع العام بالقروض دون مناقشة خطط هذه الشركات، الأمر الذي كان تسبب كثيراً في هدر الأموال من قبل شركات القطاع العام”.

يوضح ما سبق أن المصارف الحكومية الـ6 كانت “مغارة علي بابا” تستطيع الحكومة اقتراض ما تشاء منها دون وضع جدول زمني محدد للسداد.

والمصارف العامة (التجاري – العقاري – الصناعي- الزراعي- التسليف الشعبي- التوفير) استحوذت على ما قدره 89% من إجمالي الودائع بواقع 52% لصالح “المصرف التجاري السوري” و37 % لبقية مصارف القطاع العام.

والتوظيف الاستثماري في تلك الفترة كانت مصارف القطاع العام هي الرائدة فيه حيث استطاع “المصرف الصناعي” توظيف كامل ودائعه في قروض استثمارية لتمويل منشآت صناعية وكذلك فعل العقاري عندما وظف ٨٤% من ودائعه في المنشآت العقارية، وكان “المصرف التجاري السوري” (أكبر المصارف في سوريا) أقلهم توظيفاً للودائع في القنوات الاستثمارية بنسبة 61% من ودائعه فقط، ومع الأسف فكل هذه التوظيفات كانت لصالح القطاع العام الحكومي، الذي تبين سابقاً أن فيه الكثير من الهدر والفساد وإمكانية عدم السداد.

تهرب من التسديد علناً

إنّ اقتراض الحكومة من المصارف وتحديداً من المصرف المركزي بفوائد ضحلة زاد بعد الحرب، وخصوصاً بعد أن قبل مجلس الشعب عند إقرار أيّ موازنة عدم مساءلة الحكومات المتعاقبة عن أسباب عدم تسديد ما يترتب عليها من أعباء سنوية للديون السابقة ويأتي النص القانوني حرفياً كالآتي:

“يؤجل سداد الخزينة الموضوعة في التغطية النقدية لقاء العجوز التراكمية الناشئة عن تثبيت الأسعار وفوائدها والعجوز التراكمية السابقة للموازنة العامة للدولة وفواىدها المستحقة وغير المسددة لغاية عام (…عام إقرار الموازنة)، وتقسط على عشرة أقساط سنوية يبدأ تسديد القسط الأول منها .. “بعد 15 عام من تاريخ الإقرار”.

يعلق على هذا الخبير الاقتصادي الدكتور، دريد درغام، خلال ورقة بحثية فيقول: “أن يتم تأجيل الأعباء السنوية لـ 15 سنة هو رمي بالمسؤولية على عاتق الأجيال المتعاقبة، وتعميق للشرخ أكثر فأكثر، وما سبق يدحض استقلالية البنك المركزي ويؤكد تبعيته للحكومة في الوقت الحالي على الأقل”.

وما سبق يعطي أن إصلاح القطاع المصرفي في الوقت الحالي أمر مرتبط بإصلاح الحكومة.

تابعونا عبر فيسبوك

تنبؤات محققة !

أكد الخبير الاقتصادي الدكتور علاء أصفري لـ”كيو بزنس”، أن البنوك مقيدة جداً، نافياً أن يكون لها دور في إنعاش الاقتصاد السوري في المستقبل القريب.

ووفقاً لقوله فإن ذلك يرجع إلى أن: “البنوك لا يوجد لديها فائض سيولة بطريقة لافتة أو قريبة تجعل تستطيع أن تساهم في عملية الإنعاش”.

قول الدكتور أصفري أكدته دراسة لمركز “مالكوم كير -كارنيغي للشرق الأوسط” بعنوان القطاع المالي السوري وقد اجريت هذه الدراسة عام 2015 متنبئةً بما يجري لليوم حيث ورد فيها الآتي:

“من المرجح ان تكون محافظ القروض الخاصة بالقطاع العام قد تأثرت أكثر بصورة أكبر من مصارف القطاع الخاص نظراً إلى جهات الإقراض في القطاع العام أقل انتقائية ولديها سياسة ذات دوافع اجتماعية أكثر، مما يعني أن نسبة القروض المتعثرة من المرجح أن تتجاوز 41%، مما يعني أيضاً أن المصارف الحكومية واستناداً إلى مقدار القروض المتعثرة قد تجد نفسها بلا رأس مال وفقاً للمعايير الدولية”.

دور البنوك

في السياق ذاته يشرح الخبير الاقتصادي الدكتور هاني خوري لـ “كيو بزنس” عن طبيعة الدور الذي تلعبه البنوك السورية في الوقت الحالي فيقول: “الدور التمويلي للبنوك السورية الآن في أضعف قدراته وهو مشلول عن تلبية احتياجات المنتجين وتحريك أسواق العقارات والخدمات والصناعة”.

ويرجع خوري ذلك إلى قيود البنك المركزي معللاً: “البنك المركزي يهمل قصداً ماقدره 90% من الانتاج الاقتصادي ويتوجه نحو الصناعيين بعقود معقدة مرتفعة ومحدودة القيمة وكل ذلك خوفاً من التضخم والمضاربة، ولكن يتضح أن استخدام التمويل في غير غرضه هدفه الحقيقي الربح السريع والمضاربة على الليرة السورية.

ويضيف الخبير الاقتصادي فيقول: “البنوك الأخرى تتراكم لديها الرساميل دون تشغيل، وترتفع رسومها من خلال القرارات التي تجبر على مرور الأموال عبر الجهاز المصرفي بطريقة شكلية لا استثمارية”.

ليس هناك من طريقة للإصلاح ؟!

يقترح الدكتور والخبير الاقتصادي نبيل سكر خلال بحث بعنوان” الإصلاح الاقتصادي في سوريا”، عدداً من الإجراءات التي تؤدي إلى إصلاح المؤسسة المصرفية وأبرزها:

*تقوية مؤسسة المصرف المركزي وإعادة إحياء مجلس النقد والتسليف بهيكلية جديدة.
*تفعيل السياسة النقدية واستخدام سعر الفائدة كواحد من أدوات هذه السياسة.
*إلغاء مبدأ الحصر والتخصص المصرفي الإلزامي القائم حالياً على الأمر الإداري، والاستعاضة عنه بالتخصص المبني على الخبرة.
*إدخال عنصر المنافسة إلى العمل المصرفي.
*والتأكيد على استقلالية المصارف في قرارات التسليف سواء في القطاع الخاص أو العام إلى القدرة على التسديد.
*إعادة هيكلة البنية المالية والإدارية للمصارف القائمة.

شاهد أيضاً: تحويل الدعم.. خطوة إيجابية أمّ سلبية !

زر الذهاب إلى الأعلى