الدراما غير البريئة.. والمشاهد «المغشي»!
حين يتابع المُشاهد مسلسلاً درامياً يصبح كـ«المغشي»، وكأنه في حالة تنويم مغناطيسي.. فتدخل أفكار العمل الدرامي إلى العقل الباطن، ومع تكرارها، تُغرَسُ في عقله دونما انتباه!.
قد يصل التأثر إلى درجة تقمّص شخصيات المسلسل.. أخطرها أن تقرأ بعد ذلك أخباراً في الصحف من نوع:
- يمني يقتل 5 أشخاص متأثراً بمسلسل وادي الذئاب
- طفل مغربي ينتحر شنقاً بسبب مسلسل تركي
- المسلسلات المدبلجة ترفع نسبة حالات الانتحار في سنجار بالعراق
هكذا يكون رد الفعل المباشر، تأثراً بنمط معين من الأعمال الدرامية..
لكن هناك دراما أخرى ذات تأثير أخطر بكثير، تغسل الأدمغة نحو الشرّ، وتقلب القيم، بالتركيز على الجانب السلبي من الحياة الشخصية والعامة وتبريره، وإغفال أو تهميش الجوانب الإيجابية.
هنا يكون المشاهد «المغشي» فريسة سهلة، خاصة حين تشابه ظروف حياة الشخصية الدرامية ظروف حياته.
هكذا يتم تضليل عقول البشر، بركوب موجة مآسيهم، حيث تتلطى النوايا الخفية خلف أسلوب التشويق والإثارة.. وتحت ستار الموضوعية!
تابعونا عبر فيسبوك
الدراما لا تعرض أحداثاً أو قضايا من كوكب آخر.. لكن المشكلة في طريقة تقديم هذه القضايا
حين تضع كاميرا في شارع، سترى كل ما في هذا الشارع من جمال وقبح، لكن مُخرج ما تصوّره الكاميرا، هو المتحكم الرئيسي في عرض نسبة الجمال والقبح في هذا الشارع.
استغباء المشاهد
مع انطلاق قطار التطبيع بين دول خليجية و«إسرائيل»، عرضت قناة «إم بي سي» السعودية مسلسلي «أم هارون» و«مخرج 7»، قبل نحو سنتين.. العملان الدراميان حاولا شيطنة الفلسطينيين، وتحسين صورة الإسرائيليين، ومررا أفكاراً مثل أن الفلسطينيين هم من باعوا أرض لليهود.
مثل هذه الأعمال الدرامية تعمل على تحريف التاريخ، وتساند الرواية الإسرائيلية المضادة.. قد تكون هذه الأعمال مكشوفة للمطلعين على حقيقة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لكنها تحت ستار الموضوعية وتمرير الأفكار بطريقة جدلية تحرف رؤية المشاهد غير المطلع، وتحقق مقاصدها من الترويج لفكرة التعايش مع عدو يحتل الأرض.
تطويع الدراما
خلال شهر رمضان الحالي أثار المسلسل المصري «الاختيار 3» الجدل، خاصة السياسي منه، بسبب تقديمه قراءة خاصة للأحداث التي مهدت لإسقاط حكم مرسي وتولي السيسي السلطة، وهو ما اعتبره مراقبون عملاً درامياً مخابراتياً بامتياز، يقدم رواية السلطة للأحداث التي أوصلت السيسي إلى القصر الرئاسي.
في هذا المسلسل تم تطويع الدراما لخدمة السلطة، وفي أعمال أخرى درامية يتم تطويعها لخدمة المعارضة في دولة ما، أو تنظيم سياسي أو مسلح، وبالتالي فإن الدراما كما تخوض في الصراع الاجتماعي، فهي ليست خارج الصراع السياسي، ويتم استخدامها كأداة لتحقيق أهداف سياسية.
خاص
شاهد أيضاً: هل هُضم حق فايز قزق في الأعمال التلفزيونية؟