أوروبا المُحتلة.. زعماء تحت الطلب !
يُحكى أنه عقب الحرب العالمية الثانية صارت دول أوروبا الغربية مثل رجال أعمال على وشك الإفلاس، فجاء طاغية غني يسمى أمريكا، اشترى أوروبا عبر ما عرف بـ”خطة مارشال” لإعادة إعمار القارة العجوز، ومنذ ذلك الوقت لم تعد دول أوروبا الغربية مستقلة.. وصارت مجتمعةً تشكّل في الواقع “الولاية الواحدة والخمسون” لأمريكا، وصار حكامها مجرد مدراء من الدرجة الثانية لا يفعلون أي شيء دون الرجوع إلى مكتب المدير الأعلى في البيت الأبيض!.
الغرب الأوروبي محكوم بقواعد لعبة واحدة تدار من واشنطن، وحكامه بيادق في هذه اللعبة، لكل منهم دوره الخاص، يقوم به بكل تفاني سواء عن وعي منه أو من دون وعي.. ومن يفشل أو يتمرّد تنتهي حياته السياسية، كما انتهى الأمر بزجاجات النبيذ الفرنسية في قعر المراحيض الأمريكية حين تمرّد أحد زعمائها على أمريكا!.
هل سألت نفسك يوماً لماذا يتبع زعماء أوروبا الغربية السيد الأمريكي للقيام بأشياء غبية تماماً؟ ولماذا يفعلون ما يعتقده الآخرون غريباً؟.. وهل تعتقد أننا نبالغ؟!
إذا كنت تعتقد ذلك فإليك ما قاله مؤخراً رئيس فرنسا.. إيمانويل ماكرون دعا إلى “الاستقلال الاستراتيجي” عن أمريكا، واعتبر أن التحالف العسكري لا يعني أن تكون “تابعاً”، وقال: “إن أوروبا يجب أن تظهر أنها ليست أبداً تابعة لأمريكا وأنها تعرف أيضا كيف تتحدث مع جميع المناطق الأخرى في العالم”.
هذا اعتراف صريح وليس ضمني من سيّد الإليزيه بأن أوروبا تابعة، وليست مستقلة، وأن أسيادها مجرّد موظفين يعلمون لصالح سيد البيت الأبيض!.
يوماً ما ضاق الرئيس الفرنسي شارل ديغول ذرعاً بالسطوة الأمريكية وقرر عام 1963 الانسحاب من حلف الناتو، وحتى عام 1967 كان بطل الاستقلال قد أفرغ الأراضي الفرنسية من القواعد الأمريكية.. حينها أفرغ الناس في أمريكا زجاجات النبيذ والشمبانيا الفرنسية في المراحيض، احتجاجاً على جرأة ديغول.. لم يمض وقت طويل حتى وجد الرئيس الفرنسي نفسه وحيداً في مواجهة أزمة اقتصادية خانقة، ومضطراً للخروج من المسرح السياسي والتنحي إلى الأبد.
تابعونا عبر فيسبوك
هل تتابع مجريات الحرب في أوكرانيا؟
لقد أجبرت أمريكا الأوروبيين على التخلي عن الغاز والوقود النووي والأخشاب النادرة من روسيا مقابل دعم مصالحها الخاصة في أوكرانيا!.
منذ بدء الحرب لم يحدث أي تحرك أوروبي منفصل عن الإرادة الأمريكية، في حين أن العقوبات الاقتصادية على روسيا أدّت إلى رفع أسعار الطاقة في أوروبا وتضرّر المواطن الأوروبي بالدرجة الأولى، في وقت كانت أمريكا تبيع أوروبا الغاز بأضعاف سعره.
يقول أحد الآراء: إن أوروبا تدرك مدى تبعيتها لأمريكا، وحين تحاول التخفيف من هذه التبعية والسيطرة، تستخدم واشنطن أسلوب العصا والجزرة لتمنعها من الخروج عن محيطها، خاصة بعد ربطها تنظيمياً وتقنياً وتكاملياً بالاقتصاد الأمريكي، وكذلك ارتباط أمنها وفضائها الإلكتروني بالولايات المتحدة.
لقد جعلت أمريكا الأوروبيين غير قادرين على إنشاء قدرة عسكرية مستقلة أو اتّباع سياسة خارجية مستقلة.
يقال إن أبرز الأسباب التي جعلت أوروبا تابعة للولايات المتحدة أنها استسلمت للقيادة الأمريكية عند إنشاء حلف الناتو، نتيجة الخوف الذي زرعته واشنطن في عقول الأوروبيين من “البعبع السوفيتي”.. ولا تزال أمريكا حتى اليوم تحيي المخاوف من هذا “البعبع” تحت مسميات عدة كلما دعت الحاجة لإخضاع أوروبا وحكامها.. كما يحدث الآن مع “بعبع بوتين”!.
شاهد أيضاً: على غرار ما جرى في فرنسا.. مجزرة انتخابية في بريطانيا