الأسد وأردوغان.. هل يمكن إعادة بناء سدّ الصداقة ؟!
ترافقا سوياً إلى مدينة حلب وافتتحا ملعب الحمدانية، التُقطت لهما صور أثناء لعبهما بالكرة، وتبادلا المزاح كصديقين، وصارت علاقتهما الشخصية نموذجاً في المنطقة قبل أن تحلّ الكارثة السورية وتغير كلّ شيء.
عام 2004، زار الرئيس السوري بشار الأسد تركيا.. كانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس سوري إلى الجارة الشمالية منذ 57 عاماً.. تقارب شخصي بين الأسد وأردوغان، وصل حدّ الصداقة القوية.
أثمر الوئام بين دمشق وأنقرة عام 2009 “مجلس تعاون استراتيجي”.. ثم ظهر وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم ونظيره التركي آنذاك داوود أوغلو يقطعان الحدود السورية – التركية مشياً على الأقدام عبر بوابة السلام، ويجتازان حاجزاً خشبياً يرمز إلى فتح الحدود بين البلدين، ويوقعان في منطقة «أجنوبينار» اتفاقية إلغاء سمات الدخول بين البلدين وسط احتفال فلكلوري.
من هذه الحدود المفتوحة تسللت البضائع والسلع والأفكار والسياسات إلى سوريا.. ولاحقاً تسلل المجاهدون والأسلحة!.
قبل اندلاع شرارة الأحداث عام 2011 بنحو شهر ونصف، وصل أردوغان إلى سوريا، وكان حينها رئيساً للحكومة.. ووضع مع نظيره السوري محمد ناجي عطري حجر الأساس لمشروع “سد الصداقة” على نهر العاصي، بين بلدة العلّاني في إدلب على الضفة اليمنى من الجانب السوري، وبلدة الزيارة على الضفة اليسرى من الجانب التركي.. ثم انتقل أردوغان إلى حلب وهناك التقى بالأسد.
كانت هذه آخر مرة يلتقي فيها الصديقان، وما هي إلا أيام حتى اندلعت اضطرابات في سوريا.
انقلب أردوغان على الأسد بسرعة البرق، وفتح الحدود المفتوحة أساساً أمام شحنات الأسلحة والجهاديين القادمين من آسيا وأوروبا.
سالت الدماء في مياه العاصي، وانهارت “الصداقة” بين دمشق وأنقرة قبل أن يجف الطين تحت حجر أساس “سد الصداقة”!.
صعّد أردوغان الموقف وطالب الأسد بالتنحي، وأصرّ على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل سياسي في سوريا طالما بقي الأسد، وقال إن أي تدخل عسكري في سوريا يجب أن يهدف إلى إسقاط رئيس سوريا.
عام 2015. قال وليد المعلم إن طالإرهاب لا يأتي إلى سوريا بالمظلات، وإنما من خلال الحدود التركية”.
بعد 13 عاماً على حرب فشل خلالها الرئيس التركي في إسقاط نظام الحكم بدمشق، وورطته بملايين اللاجئين، وبتنظيم كردي انفصالي على حدود بلاده، خرج أردوغان مغازلاً الأسد، وقال: “كما حافظنا على علاقاتنا مع سوريا حية للغاية في الماضي، وعقدنا لقاءات مع السيد الأسد، وحتى لقاءات عائلية، يستحيل أن نقول إن ذلك لن يحدث في المستقبل، بل يمكن أن يحدث مرة أخرى”!.
فهل يقبل الأسد بإعادة إحياء العلاقة الشخصية مع أردوغان؟
خلال مقابلة تلفزيونية مع قنوات إخبارية محلية أواخر عام 2019، قال الرئيس السوري إنه لن يتشرف بلقاء ومصافحة أحد من جماعة أردوغان، وسيشعر بـ”الاشمئزاز”، إلا أن الأسد أردف قائلاً بأنه سيضع المشاعر جانباً حين يكون هناك مصلحة وطنية.. “فإذا كان هناك لقاء سيحقق نتائج فلا بد من القيام به”.
إذن، الأسد لا يرفض اللقاء بالأتراك أو أردوغان، ولكن ليس لشرب “المرطبات”، وإنما لتحقيق نتائج، خاصة فيما يتعلق بالانسحاب التركي من الأراضي السورية، وهذا شرط دمشق الأهم والمسبق!.
تشير تصريحات الرئيس الأسد بمجملها إلى أنه مستعد لإعادة التواصل مع أردوغان من أجل مصلحة الدولة السورية فقط، وأما العلاقة الشخصية فالمرجح أنها تضررت بشكل يتعذر إصلاحه.
يبدو أن تجربة 13 سنة من الحرب، علّمت دمشق أن أي “سدّ صداقة” مشترك مع تركيا، لن يصمد أمام أول سيل سياسي يفتح شهية أردوغان لإحياء أمجاد الامبراطورية البائدة!.
شاهد أيضاً: الرئيس التركي يكشف عن فصل جديد في العلاقات مع سوريا ؟!