إعادة العلاقات بين سوريا وتركيا.. ما هي مصالح الطرفين من “عودة الود” ؟!
بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد، دأبت تركيا خلال الفترة الأخيرة بتصريحات تشير إلى رغبة تركية كبيرة بإعادة العلاقات مع سوريا.
فقد كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً رغبته بلقاء نظيره السوري، في حين أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أنه لا يمانع اللقاء إذا كان فيه مصلحة سوريا، مشدداً على أنه لم يصله هدف المبادرة حتى اليوم.
في هذا الصدد قال محللون سياسيون إنه على من يرغب بفهم كل تفاصيل الخلاف التركي السوري عليه العودة بالأحداث إلى البدايات، مشيراً إلى أن العلاقات بين سوريا وتركيا لم تكن وليدة اللحظة بل توطدت منذ أن استلم الرئيس السوري بشار الأسد السلطة في البلاد.
كما لفت المحللون إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات اليوم في مأزق بسبب قرارات اتخذها بالماضي تجاه الأزمة في سوريا، وهي ما وضعت تركيا في أعباء تحملتها سنوات طويلة إلا أنها لم تعد قادرة اليوم على تحمّلها.
تابعونا عبر فيسبوك
وأشار المحللون إلى أن “تركيا دعمت آلاف من المسلحين في الشمال السوري منذ عام 2011، حيث اعتقد أردوغان حينها أن باستطاعته استخدامهم ضد الجيش السوري لإسقاط الدولة بشكل عام، والقوات الكردية خصوصاً”.
أما العبئ الثاني الذي وضعه الرئيس التركي على كاهله، فكان “إدلب”، فوجود “هيئة تحرير الشام” مكّنه من إنشاء مشاريع تنموية في تلك المنطقة بما فيها مشاريع سكنية تحت عنوان “المنطقة الآمنة”، واعتقد فيها أن بإمكانه إعادة اللاجئين إليها بكل توجهاتهم على اعتبارها منطقة خارج سيطرة الدولة السورية بكل المعاني جغرافياً، وسياسياً، واجتماعياً، بحسب ما قاله المحللون.
ثم جاءت عملية التغيير الديمغرافي، فأثناء مبادرات خفض التصعيد، استجلب أردوغان العناصر المسلحة من كل المناطق التي كانت خارجة عن سيطرة الجيش السوري إلى إدلب، دون أن يلتفت أردوغان إلى أن هؤلاء سيكونون عبئاً على الدولة التركية كما وصل الحال اليوم، بحسب ما وصفه محللون.
ويرغب الرئيس التركي اليوم بإعادة العلاقات بين البلدين الجارتين، ولها فيها أهداف كثيرة، بينها التفاهم على وجود 3.6 مليون لاجئ سوري على أراضيه، كذلك منع إقامة دولة لأكراد، وأيضاً إعادة التجارة والتعاون.
وأوضح المحللون، أن أردوغان يحارب للخروج من عنق الزجاجة التي وضع نفسه بها أمام الجمهور الداخلي الرافض للوجود السوري من جهة، ولسياساته تجاه الملف السوري ككل.
كما أضاف المحللون أن الاندفاع التركي نحو إعادة العلاقات مع سوريا كانت “المخرج الأخير” للرئيس التركي، الذي لو تم بالفعل فمن شأنه أن يحرّك عجلة الاقتصاد التركي الراكض خصوصاً آخر سنتين، وذلك لأن فتح خطوط التجارة من تركيا إلى سوريا وعبرها إلى الخليج وآسيا يمثل شرياناً أساسياً للاقتصاد التركي، ومن شأنه إحداث فرق كبير بالعملية بالنظر إلى موقع سوريا الجغرافي الذي تتمتع به.
وتابع المحللون أن الأمر “أي المفاوضات التركية السورية”، تجري اليوم بهندسة روسية، ولموسكو مصالح كبرى بذلك، مشدداً على أن اللقاء يعني بداية مسار التفاوض وسيكون عبر لجان معنية بالحوار من الطرفين.
في السياق ذاته، لفت المحللون إلى أن دمشق تهدف من اللقاء، فك العزلة الدولية عن سوريا، وتشترك مع أنقرة برفضها إقامة دولية كردية، مع تشديده على إنهاء الوجود التركي تماماً من الشمال.
وأكد المحللون أن لروسيا أهداف كبيرة بالصلح التركي السوري، منها القول إن روسيا عززت حلاً سياسياً في سوريا، بعد دورها العسكري الذي كان حاسماً عام 2015، وكذلك الاقتراب من تركيا على قاعدة تبادل المصالح الاقتصادية أولاً من ناحية الغاز السائل الروسي الذي يجري توطينه في تركيا وتوريده إلى أوروبا وما يعود بمصلحة كبيرة لتركيا.
وأيضاً الدفع بإعادة العلاقات مع سوريا مقابل دور تركي في حل الصراع الروسي الأوكراني، كون تركيا عضو بحلف شمال الأطلسي “الناتو”، ولها وقعها بالتصويت، بحسب رؤية المحللين.
مع هذا، هناك أيضاً مصالح سياسية لروسيا، بينها إحداث هزّة بالعلاقات التركية الأمريكية والاستفادة من الوضع الاقتصادي التركي الصعب.
شاهد أيضاً : العراق على خط الأزمة السورية.. ما هي تفاصيل مكالمة حسين وبيدرسون ؟!