لماذا تعتبر عودة العلاّقات بين سوريّا وتركيا مهمّة للمنطقة ؟!
بعد عدة مواعيد تم تأجيلها بسبب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، يبدو أن مرحلة ذروة جديدة يعيشها ملف إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة، حيث هذه المرة قد تحمل في طياتها إنهاء حالة الخلاف بين سوريا وتركيا.
وتحمل هذه المرحلة الجديدة أيضاً آفاقاً واعدة، قد تساهم في تعزيز وحدة الأراضي السورية واستعادة السيادة الكاملة عليها.
ومع ذلك، تبرز أسئلة هامة: ما الذي سيحدث بعد هذا اللقاء؟ وكيف يمكن تحقيق نجاح طويل الأمد في إعادة هذه العلاقات؟
وتراجع الجمود الذي عرقل استئناف العلاقات منذ تصريح الرئيس السوري بشار الأسد في خطاب له أمام مجلس الشعب السوري عقب الانتخابات.
تابعونا عبر فيسبوك
في هذا الخطاب، تخلى الرئيس الأسد عن مطلب الانسحاب التركي كشرط مسبق، وركز على تحقيق الأهداف المشتركة مع تركيا.
هذه المرونة الجديدة لقيت استحساناً من الجانب التركي، ما أدى إلى دفع عجلة اللقاءات بين الطرفين دون شروط مسبقة معقدة.
المهم ليس مجرد حدوث اللقاء بين دولتين متجاورتين تربطهما علاقة تاريخية تمتد لآلاف السنين، بل في السياق الإقليمي والدولي الذي يدفع نحو هذا التقارب.
العالم يشهد تحولات كبرى، وخاصة في منطقة غرب آسيا، حيث تتغير موازين القوى بفعل صعود محور المقاومة بقيادة إيران، والذي أثبت نفسه خلال الصراع الأخير في غزة، في مواجهة الغرب بقيادة الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
وتنعكس هذه التحولات بشكل مباشر على تركيا، التي بدأت بالابتعاد تدريجياً عن الغرب منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
الصراع المستمر في غزة وبقية المناطق ساهم في هزيمة حزب “العدالة والتنمية” في الانتخابات البلدية، ما عزز الميل التركي نحو التخلي عن الارتباط الوثيق بالغرب.
وهناك جهود دولية وإقليمية لتفعيل الحوار بين سوريا وتركيا، حيث أكد المسؤول الروسي ميخائيل بوغدانوف على الدور الإيجابي لكل من إيران والعراق في دعم هذا الحوار.
كما أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى اقتراب انعقاد اجتماع رباعي بين روسيا وتركيا وإيران وسوريا في إطار محادثات أستانا.
هذا اللقاء المرتقب بين سوريا وتركيا يمكن أن يكون خطوة أساسية نحو بناء نظام إقليمي جديد، يجمع القوى الكبرى في المنطقة ويعيد توزيع الأدوار بعيداً عن التأثير الغربي.
ومع ذلك، سيستغرق بناء هذا النظام الجديد سنوات من العمل، نظراً لتباين القضايا السياسية والداخلية في كل دولة.
من القضايا المشتركة التي تواجه هذه الدول هي مسألة الأكراد، الذين يتوزعون عبر حدود سوريا وتركيا وإيران والعراق.
النظام الغربي لطالما استغل هذه القضية لتفتيت المنطقة، مما يجعل من الصعب إيجاد حل يرضي جميع الأطراف.
في النهاية، نجاح النظام الإقليمي الجديد يعتمد على إيجاد توازن بين القوى المختلفة في المنطقة، بما في ذلك الأكراد، وتجاوز الرهانات على الغرب.
شاهد أيضاً : في سوريّا.. المارقون والغسيل الوسخ !