أين مصر «الصامتة» من سوريا؟
ماذا عن مواجهة الخصم العتيق في شمال سوريا.. وخطوط الفرعون الحمراء؟
قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، وعلى رأس جيش مكّون من أربعة فيالق، تحمل أسماء آلهة مصر الكبرى، توجه الفرعون رمسيس الثاني إلى حمص.
الفرعون ذهب لمواجهة الحثيين أبناء الأناضول هناك، ودارت بينهما رحى حربٍ سميّت «معركة قادش» انتهت بمعاهدة وتقاسم للنفوذ.
إنه الصراع على سوريا (بلاد الشام)
لم يحارب فراعنة مصر أبناءَ الأناضول فقط، بل وقاتلوا البابليين شرّ قتال.. كل ذلك كرمى عيون النفوذ في سوريا.
وبقيت مصر لثلاثة آلاف عام، كلما ملكت قرارها، تعتبر سوريا خطاً أحمر لأمنها القومي، حتى مات محمد علي باشا، ومات بعده جمال عبد الناصر!
صار المصريون خاملون.. فقدوا القوة والسطوة، ورهنوا قرارهم للمال، منذ «كامب ديفيد» حتى اليوم، وفي ذروة الصراع الحالي على سوريا.
يرثي أحد السوريين حال حكام مصر اليوم، قائلاً: «رحم الله الكاتب محمد الماغوط، ما كان شايف بمصر غير سعاد حسني».
فهل هذا الرثاء صحيح؟!
باختصار..أين مصر من سوريا؟
«تحالفٌ» فـ«صدام».. هذا هو حال العلاقات السورية المصرية منذ 70 عاماً.
تعاون السوريون والمصريون بالوحدة الشاملة عام 1958، وتصادموا بالانفصال بعد عامين.
تعاونوا في «حرب تشرين» ضد «إسرائيل»، وتصادموا بدخول مصر في «معاهدة سلام» مع العدوّ.
تعاونوا في الغزو العراقي للكويت، وتصادموا حين غزت أمريكا العراق، وصارت جيوشها عام 2003 على حدود سوريا.
هنا تخندق الطرفان بشكل واضح في معسكرين: سوريا في معسكر «الممانعة» ومصر في معسكر «الاعتدال».
وافترق الطرفان كلٌّ في خندقه.. إلى أن اجتاحت أحداث «الربيع العربي» الخصمين، وبينما استقر الوضع في مصر، تدحرجت كرة النار في سوريا من جنوبها إلى شمالها.
مصر الصامتة
خريف 1957.. نشرت تركيا آلاف الجنود على حدود سوريا، وهددت باحتلالها، وبينما هدد الزعيم السوفييتي «نيكيتا خروتشوف» بإطلاق صواريخ على تركيا إذا هاجمت سوريا، أرسل عبد الناصر سفناً حربية إلى سواحل اللاذقية، وكأنه يقول للأتراك: «رمسيس مات ولم تمت مصر بعينيها تقاتل»!.
اليوم هناك جيش تركي داخل سوريا، يصول ويجول في المدن الشمالية، ويهدد باجتياح أكبر.
هذا خط أحمر رسمه الفرعون رمسيس قبل 3 آلاف عام.. وعبد الناصر قبل 60 عاماً.. لكن مصرَ اليوم صامتة!
لمشاهدة التقرير فيديو عبر فيسبوك: https://www.facebook.com/QstreetJournal/videos/513908246749586
إلى متى؟
سقط نظام حسني مبارك، ووصل محمد مرسي إلى الحكم، فقطع العلاقات تماماً مع دمشق، أغلق السفارة السورية في مصر، وسحب القائم بالأعمال المصري من سوريا.
أخطر من ذلك، مرسي دعا مجلس الأمن إلى فرض «حظر جويّ» فوق سوريا.
يقول الكاتب المصري محمد حسنين هيكل إن مافعله مرسي أغضب وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي.
انقلب السيسي على مرسي بـ«الشارع والعسكر»، وأعلن عن إعادة جزئية للعلاقات مع سوريا على مستوى قنصلي.
قال السيسي إن سوريا تمثّل عمقاً استراتيجياً لمصر، بغضّ النظر عن نظام الحكم فيها
تركيا، خصم مصر العتيق على مشارف حلب.. فماذا فعل السيسي من أجل عمقه الاستراتيجي؟
أيّدت القاهرة عام 2015 التدخل العسكري الروسي في سوريا، واعتبرت أنه «سيكون له أثر في محاصرة الإرهاب والقضاء عليه».
تحسّنت العلاقات على مستوى التعاون الأمني فقط.. وحدث لقاء بين السيسي ورئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك في القاهرة عام 2015، ربما يكون ذلك بسبب وجود عدو مشترك هو «تنظيم الإخوان المسلمين».
أيضاً ساهمت مصـر باتفاقات التسوية في الغوطة الشرقية وشمالي حمص عام 2017.
على المستوى السياسي، تحركت مـصر مؤخراً من أجل إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، ولكن هذا التحرك مضبوط تحت سقف أمريكي وخليجي.
أما على الصعيد العسكري وهنا بيت القصيد!
أعلن السيسي أن بلاده تدعم الجيش السوري في مواجهة العناصر المتطرفة، وحذّر من «أفغنة سوريا».
ولكن ماذا عن مواجهة الخصم العتيق في شمال سوريا.. وخطوط الفرعون الحمراء؟
لم يرسل السـيسي جندياً واحداً لإيقاف الزحف التركي!
خاص: وسام ابراهيم
شاهد أيضاً: لماذا الجزائر أقرب إلى سوريا من حبل الوريد؟!