حرب الظل الكبرى.. عملية «خشب الجمّيز» في سوريا
اتُهمت بـ«هندسة» انقلاب حسني الزعيم في زمن الانقلابات، وخططت لانقلاب آخر عام 1957 باسم «عملية وابن» الفاشلة، ثم أعدت مؤامرة لاغتيال مسؤولين سوريين أصدقاء لـ«السوفييت».
وعن دورها بالأحداث التي اندلعت في سوريا عام 2011 حديث آخر.. حين قادت «السي آي أي» عملية وصفتها صحيفة «واشنطن بوست» بأنها «واحدة من أكبر العمليات السرية في التاريخ».
حرب الظل الكبرى.. عملية «خشب الجمّيز» في سوريا
برنامج Timber Sycamore أو باللغة العربية «خشب الجمّيز» مستوحى اسمه من الخشب الذي استخدمه الفراعنة في صناعة توابيت القادة العظماء في دلالة إلى هدف الولايات المتحدة من البرنامج بـ«إسقاط نظام الحكم في سوريا»!.
«خشب الجميّز» أهم عملية تهريب أسلحة في التاريخ، انطلقت خريف 2011، وكشفت عنها صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عام 2015، كلفت الممولين مليارات الدولار، وعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة والذخيرة التي دخلت سوريا، ووصلت إلى «التنظيمات المتطرفة»!.
شارك في عملية «خشب الجمّيز» بشكل فعلي 16 حكومة.. من أوروبا فرنسا وبريطانيا بشكل خاص، ومن الخليج السعودية وقطر، ومن الشرق الأوسط تركيا والأردن و«إسرائيل».. ما جعل منها حرباً سرّية متعددة الجنسيات!.
السعودية كانت الراعي الرئيسي للبرنامج السريّ لتسليح نحو «80 مجموعة مسلحة».. لعبت دور «الموقّع على الشيكات» بتمويل قدّرته «صحيفة نيويورك تايمز» بـ«بضعة مليارات من الدولارات».
تابعونا عبر فيسبوك
عام 2012، باعت 8 دول أوروبية شحنات كبيرة من الأسلحة الصغيرة إلى السعودية، تجاوز إجمالي قيمتها مليار يورو.. كانت هذه الأسلحة تنقل إلى موانئ تركيا والأردن.. وتنتهي بأيدي المتطرفين في سوريا.
كشف الباحث الأمريكي بمركز «بروكنغز»، تشارلز ليستر، الاختصاصي بالشؤون السورية، عن عدد المقاتلين الذين تم تدريبهم خلال عملية «خشب الجمّيز»، حين أعلن نهاية عام 2017 عن أسفه لفشل الحرب السرية التي نسقتها المخابرات المركزية و«شكلت لها قوة من 45 ألف مقاتل».
في كتابه «حرب الظل في سوريا» كتب الصحفي الفرنسي المتخصص في مجالات الاستخبارات «ماكسيم شيكس» أن: المدير السابق للمخابرات العسكرية DIA في البنتاغون «مايكل فلين»، كان قد أبلغ البيت الأبيض استيائه من السلوك اللاعقلاني لقناة «الجزيرة» القطرية في دعمها الإعلامي للجماعات المتطرفة في سوريا وفوجئ بأن المسؤولين في إدارة أوباما قد اتخذوا قراراً متعمداً مفاده «ليفعلوا ما يفعلون في سوريا»!.
صحيفة «نيويورك تايمز» كشفت أنه خلال عام 2013، تاجر عدد من ضباط المخابرات الأردنية بالسلاح الذي قدمته المخابرات المركزية الأمريكية والسعودية للفصائل المسلحة، وباعته عبر وسطاء حتى وصل إلى يد «داعش».. هذا السلاح قُتل به أمريكيان وضابط أردني في عمّان في تشرين الثاني 2015!.
يذكر الأكاديمي الأمريكي في جامعة «أوكلاهوما»، جوشوا لانديس، الخبير المختص في الشأن السوري، أن العديد من «المتمردين المعتدلين» الذين دعمتهم «السي آي أي» انضموا بعد 2014 إلى «داعش»، وأن نحو 80 % من الأسلحة التي أدخلتها الولايات المتحدة إلى سوريا ذهبت إلى القاعدة والجماعات التابعة لها.
يقال إن خشب الجمّيز مشهور بجودته ومقاومته للآفات والحشرات، لذلك تعيش شجرة الجمّيز نحو 400 سنة.. لكن يبدو أن «الجمّيز» لم يعمّر في أيدي «السي آي أي» أكثر من 5 سنوات.. وأصابه «السوس».. فأي «سوس» أصابه؟!.
شاهد أيضاً: تصريح روسي: خطوط الاتصال بين أنقرة ودمشق أصبحت ممكنة