لماذا لا تعتذر فرنسا للجزائر عن فترة الاستعمار؟!
فرنسا عادت لتؤكد من جديد عدم نيتها الاعتذار للجزائر عن فترة الاستعمار ما بين عام 1830 و1962، وما رافقها من جرائم ضد الإنسانية، والتي ارتكبها الجيش الفرنسي في حق الشعب الجزائري، وفق ما تناقلته وسائل الإعلام.
حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لقاء مع صحيفة “لوبوان” الفرنسية: “لست مضطراً لطلب الصفح، هذا ليس الهدف، الكلمة ستقطع كل الروابط”.
وقد سبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وأن تحدث في موضوع الاعتذار عقب تسليم فرنسا لعدد من جماجم المقاومين الجزائريين، حيث قال: “إنه نصف اعتذار، أتمنى أن تواصل فرنسا على نفس المنهج وتقدم كامل اعتذاراتها”.
وفي هذا الموضوع، نرصد أبرز 5 نقاط من وجهة نظر الباحثين الجزائريين، التي تدفع باريس لرفض تقديم الاعتذار للجزائر.
تابعونا عبر فيسبوك
حيث أجمع الباحثون، أن ماكرون يرى نفسه ينتمي إلى جيل جديد من الفرنسيين، والذين لم يتورطوا بشكل مباشر في جرائم الاستعمار الفرنسي، وأن هناك في فرنسا اليوم جيل جديد من الفرنسيين يريدون النظر إلى المستقبل، بمن فيهم الفرنسيين من أصول جزائرية، والذين يحاولون الاندماج في المجتمع الفرنسي بعيداً عن ملفات الذاكرة الملغمة.
من جهتها، تؤكد المحامية والباحثة الجزائرية المتخصصة في التاريخ فاطمة بن براهم، أن ماكرون مخطئ في هذا الرهان.
وقالت:”جرائم فرنسا في الجزائر معترف بها دولياً، وحتى من خلال تصريحات ماكرون”، مؤكدةً أن “ماكرون ينظر إلى أبناء فرنسا الجدد باعتبارهم تأشيرته نحو بناء علاقات خارج إطار الاعتذار”.
ويرى منتقدو ماكرون من الجانب الجزائري أنه مخطئ في هذا الإطار، وأن الجيل الجديد الذي يراهن عليه، يريد هو الآخر معرفة ما قام به أجدادهم من جرائم في حق الجزائريين.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال، قراءة تصريحات باريس تجاه الجزائر خارج الإطار السياسي، والظروف التي تمر بها أوروبا بشكل عام مع صعود “اليمين المتطرف”.
وتؤكد المحامية الجزائرية، أن 80 % من اليمين الفرنسي، هم من الأقدام السوداء أو أحفادهم الذين ولدوا في الجزائر، ومنهم قيادات عسكرية شاركت في حرب الجزائر.
وأضافت، أن الحنين يقودهم إلى فكرة “الجزائر فرنسية”، عبر تبني خطاب الرئيس الفرنسي الراحل الجنرال شارل ديغول، وعلى هذا الأساس سعى اليمين على مدار 60 عاماً من استقلال الجزائر، لعرقلة كل أشكال المصالحة التاريخية.
وفي الضفة الجنوبية، فإن فكرة “الاعتذار” لا تشكل الاجتماع بين الجزائريين، والمفارقة هو وجود جزائريين يرفضونها من حين المبدأ، ومنهم المحامية بن براهم التي تستند إلى موقفها باعتبار أن مسألة قبول الصفح من دون ذلك هو حق للجزائريين وحدهم، مضيفةً “لا نحتاج للاعتذار بالمنطق الذي يعني النسيان”، فالذاكرة بالنسبة للجزائريين لا تعني النسيان وإنما التخليد.
من جهة ثانية، يرى رئيس المنظمة الوطنية للذاكرة الجزائرية الباحث عبد الكريم خضري، أن ماكرون يدرك أن هناك عدة ملفات حساسة يمكن أن تفجرها مسألة الاعتذار وتطرح مسألة التعويضات، ومن أبرزها ملفات المفقودين والإخفاء القسري للمناضلين الثورة التحريرية والأرشيف، مشيراً إلى “فرنسا لن توافق على فتح ملف التعويضات بأي حال من الأحوال”.
ويعود الحديث عن الاعتذار بعد تشيكل اللجنة المشتركة للذاكرة، وترى فرنسا ضرورة تركيز النقاش حول فترة الثورة الجزائرية، والتي تطلق عليها اسم “حرب الجزائر”، والمحددة من أول تشرين الثاني 1954 إلى 5 تموز 1962.
بينما تتبنى اللجنة الجزائرية، مسألة طرح جميع الملفات التاريخية بداية من الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830.
مع معالجة أسباب الغزو، وما رافقها من عمليات للقمع والتعذيب ومجازر ارتكبتها فرنسا، بهدف محو الهوية الجزائرية من الوجود على مدار 132 عاماً.
وقد أثارت فكرة تشكيل اللجنة المشتركة، نقاشاً حاداً بين الجانبين الفرنسي والجزائري، وهو أمر يحرج الجانب الفرنسي الذي يريد الفصل بين مسؤولية الدولة الفرنسية ومسؤولية النظام السياسي، والمؤسسة العسكرية الفرنسية التي كانت تحكم الجزائر.
شاهد أيضاً : روسيا تُكذّب “رويترز”!