آخر الاخباررئيسيمحليات

القربان!.. «رفع الدعم» في سوريا

خاص - وسام ابراهيم

القربان.. إذا تعرّضت دولة ما لأزمة اقتصادية، تقدّم «الدعم الاجتماعي» كضحية أولى وترفع الدعم، وكأنه المسؤول عن كل ما يحدث!

فإذا كنت سياسياً ستنظر إلى هذا القرار من وجهة نظر سياسية، وإذا كنت في الحكومة فستنظر إليه من زاوية ميزانية الدولة.

أما إذا كنت رجل أعمال سيكون لك أيضاً وجهة نظر خاصة متعلقة بالنفع والضرر من رفع الدعم على مشاريعك.

ولكن إذا كنت من الطبقة الوسطى أو الدنيا، فرأيك بالقربان يلخصه مؤرخ إغريقي بالقول: «الأقوياء يفعلون ما يتمنون، والضعفاء يعانون ما يجب أن يعانوه»،

لكن ماذا عن وجهة النظر الاقتصادية؟

المجتمع المثالي من وجهة نظر اقتصادية يتكون من:

  • طبقة غنية: تشكل 20 % من المجتمع
  • طبقة متوسطة: تشكل 60 % من المجتمع
  • طبقة فقراء: تشكل 20 % من المجتمع

فماذا يفعل رفع الدعم في هذه النسب المثالية؟

الدعم في أبسط تعاريفه هو: «تقديم السلع والخدمات الأساسية للمواطنين بأسعار أقل من أسعار التكلفة»

الدعم في دول العالم الثالث

يشكّل الدعم في معظم هذه الدول عبئاً مالياً، ويعطل مشاريع التنمية، والأسوأ من ذلك أنه لا يحسّن أوضاع الفقراء!

أسباب ذلك بديهية يعرفها كل مواطن في هذه البلدان، فمنظومة الدعم هنا عشوائية، تفتح الباب على مصراعيه للهدر والفساد والاختلاس والمحسوبيات، والتلاعب بلقمة الناس، فلا تصل هذه اللقمة إلى الأفواه الجائعة!.

الهدف الرئيسي من رفع الدعم في جميع الدول التي تلجأ إلى هذا الإجراء، سواء كانت دول متقدمة أو من دول العالم الثالث، هو «تحقيق وفر مالي».

ولكن إذا أرادت حكومة ما رفع الدعم جزئياً أو كلياً فعليها استباق ذلك بـ«توفير أدوات الحماية الاجتماعية».

هذا هو الفرق بين الدول المتقدمة ودول العالم الثالث.

حين بدأت دول العالم الثالث تحصل على الاستقلال من الاستعمار، فعّلت مسألة الدعم، ومع بنية اقتصادية بسيطة، تدخلت في كل شيء، من توزيع الخبز إلى علبة المحارم، حتى صار أي حديث عن رفع الدعم يشكل مشكلة كبيرة

لكن في الدول المتقدمة الأمر مختلف

في كل عام تعلن الحكومات الغربية عن سياسة الدعم، فتقلل الدعم مثلاً عن سلع معينة، وترفعه عن قسم منها، وتدعم سلعاً أخرى.. ويحدث ذلك بكل شفافية

شاهد التقرير بطريقة فيديو عبر فيسبوك

ماذا عن «القربان» في سوريا؟

هنا حوّلت الحكومة السورية الدعم بفعل تداعيات الحرب من دعم مطلق ومن دون قيد أو شرط، إلى دعم منضبط ومقنن.

لكن هذا الرفع زاد الأمور سوءاً، مع سوء التوزيع، وعدم توفر المواد، وظهور سلاسل بشرية أمام محطات الوقود ومنافذ البيع عُرِفت باسم «الطوابير».

«دولة الرعاية» السورية بدأت تزيح المواطن تدريجياً عن كاهلها منذ عام 2019، في تلك السنة كانت الحكومة تصرّح عن دراسات لرفع الدعم.

ظهرت أولى النتائج في موازنة 2020، حين انخفض الدعم المالي الاجتماعي إلى 373 مليار، بينما كان 811 مليار في موازنة 2019.

3 سنوات منذ بدأت سوريا سياسة رفع الدعم، حتى وصل الأمر حدّ استبعاد أكثر من نصف مليون أسرة سورية من الدعم.

ولكن ماذا كان المقابل؟ أين تذهب الأموال الموفرة من رفع الدعم؟!

لم تقْدِم الحكومة على أية خطوة استباقية لحماية مواطنيها من آثار رفع الدعم، ولم تُقدِم على خطوة لاحقة حتى الآن.

فهل إفقار النسبة الأكبر من المواطنين يضر بالمواطنين فقط؟!

التجارب تقول إن اقتصاد الدولة كاملاً يتضرر بتوسع التفاوت الطبقي، فمع ضعف القوة الشرائية للطبقة الوسطى والدنيا، يضعف الطلب والاستهلاك، وينتج انكماش اقتصادي.

لم تنتج سياسة رفع الدعم في الدول النامية، ومنها سوريا، سوى زيادة تردي الخدمات وزيادة الفقر والبطالة، وسطوة حيتان المال القلائل على الأغلبية المسحوقة.

هل تذكرون معايير المجتمع المثالي اقتصادياً، الذي ذكرناه في بداية التقرير، ويقول إن الطبقة الفقيرة يجب أن تشكّل 20 %.

الآن في سوريا وفق إحصائيات أممية 90 % من السكان تحت خط الفقر.. وفهمكم كفاية!

شاهد أيضاً: يا أبناء «دولة الرعاية» في سوريا.. لا تتكؤوا على الدولة!

زر الذهاب إلى الأعلى