العقوبات وضعف المباني.. ما مصير العالقين تحت أنقاض زلزال سوريا وتركيا؟!
بما أن الكثير من الناس، بل معظمهم، قد نجوا من الموت بعدما احتجزوا وسط ركام المباني التي انهارت بسبب أسوأ زلزال على الإطلاق والذي بلغت درجته 7.8 والذي ضرب كلاً من سوريا وتركيا صباح يوم الإثنين الماضي، إذ حتى الآن تم تسجيل مقتل أكثر من 11 ألف شخص في كلا البلدين، مع توقعات منظمة الصحة العالمية بارتفاع عدد الضحايا ليصل إلى آلاف مؤلفة.
إلّا أن ذلك لا يعطي القدرة على التكهن بسرعة بأعداد القتلى من خلال أعداد المفقودين من الناس، كما يؤكد على ضرورة وأهمية البحث عن ناجين خلال الأيام التي تعقب الزلزال، إذ خلصت مراجعة لدراسة حالات أجراها مهندسون في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك إلى أن أكثر من نصف الأشخاص المحتجزين بين ركام الأبنية المنهارة بسبب الزلزال وسطياً يتم إنقاذهم في نهاية المطاف.
بيد أننا يجب ألا نتخذ من هذا العدد سبباً للتفاؤل، لأمر بسيط، وهو أن الأبنية التي شملتها الدراسة التي تنقلت بين المكسيك والصين وهاييتي خضعت لتحليل مسبق، في ظل نوع من التحيز والمحاباة للبنى والقصص المهمة التي تحظى باهتمام الإعلام.
والأهم من ذلك هو أن هذا التحليل أظهر مدى اعتماد مسألة البقاء والنجاة على الظروف، لذا بالنسبة للوضع في تركيا وسوريا، فإن الكثير من العوامل أتت ضد المنقذين.
تابعونا عبر فيسبوك
أولها الطقس، إذ بلغت درجة الحرارة في غازي عنتاب التركية القريبة من مركز الزلزال عشية تلك الليلة قرابة -6 درجات مئوية، ما جعل البرد يعيق عمل فرق الإنقاذ، ويضعف من فرص النجاة بالنسبة للعالقين بين الركام، كما يزيد من الحاجة للتركيز على أنواع أخرى من عمليات الإغاثة كالاهتمام بالمشردين.
وثانيها حالة المجتمع المدني: ففي سوريا التي مزقتها الأزمة الأخيرة على مدى اثني عشر عاماً على وجه الخصوص، لا بد وأن يتعرض هذا البلد لمشكلة وهو يحاول أن يحشد القوى العاملة في مجال الإنقاذ كما تفعل اليابان وتايوان في هذا السياق، إذ عندما تضعف الخدمات، تنتهي الأمور حتى بالعاملين في المشافي للاعتناء بأهلهم وأصدقائهم بدلاً من الذهاب إلى العمل.
أما العامل الثالث فيتصل بجودة الأبنية ونوعها، إذ لطالما كانت جودة البناء الضعيفة مشكلة في تركيا، إضافة لتصدع الكثير من الأبنية في سوريا نتيجة سنوات الأزمة التي شهدتها، ويتوقع هنا للأبنية القديمة أن تكون أشد خطراً عند وقوع أي زلزال، ولكن خلال زلازل متكررة وقعت في تركيا، تحملت معظم الأبنية الحديثة وزر الدمار، ولعل ذلك يعود لعدم توافقها مع القواعد التي تتصل بالحماية من الزلازل.
بعد الزلازل التي وقعت في عام 2011 بشرقي تركيا والتي قتل فيها أكثر من 600 شخص، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقتها، بأن بلده لم تتعلم من دروس الزلازل السابقة، حيث قال: “نشاهد الناس وهم يدفعون ثمن الإسمنت الذي استحال إلى رمل فعلياً، أو مقابل أبنية إسمنتية مضعضعة في الطوابق الأرضية، ولهذا ينبغي على البلديات والمتعهدين في مجال البناء والمشرفين أن يروا اليوم نتيجة إهمالهم التي وصلت إلى مرحلة الجريمة”.
قد تكون غازي عنتاب اليوم امتحاناً مرعباً لصناعة الإنشاءات في تركيا، بما أن هذه المدينة تعرضت لضغوط غير مسبوقة من أجل تشييد بيوت جديدة لاستيعاب اللاجئين السوريين، وهكذا توسعت شقيقة حلب التي تبعد عنها مسافة 125 كم جنوباً، بنسبة تراوحت ما بين 20-30% خلال العقد الماضي.
بيد أن كل ذلك قد ضاعف من محنة الزلزال، إذ بعدما تحولت غازي عنتاب إلى قصة سعيدة نادرة في خضم الأزمة السورية، عندما آوت واستقبلت عدداً كبيراً من اللاجئين، نجد اليوم بأن المأساة وقد ألقت بظلالها وتوزعت على جانبي الحدود السورية-التركية.
على الجانب الأخر يتكبد الجهد السوري العناء في ظل العقوبات الغربية المفروضة، والتي أثقلت الكاهل وعرقلت العديد من جهود الإنقاذ، ما ينذر بارتفاع كبير في عدد الضحايا لصعوبة إنجاز المهام بشكل مناسب وفوري لضعف الإمكانيات الحكومية نتيجة الحصار المفروض.
شاهد أيضاً : مشهد الاقتصاد التركي.. كيف سيبدو بعد الزلزال؟!