مشاهد العنف تجتاح المدن السودانية.. لكن ما هي أسباب النزاع ؟!
في مشهد يكرر نفسه منذ عام 2021 والانقلاب العسكري وما تبعه من سيطرة المجلس السيادي الانتقالي بقيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” لمقاليد الحكم في البلاد، ومن ثم احتدام الخلاف على دمج القوات في الجيش ومن سيتولى قيادة الجيش والمؤسسات العسكرية، اشتباكات عنيفة تعيشها العاصمة السودانية مؤخراً.
ومنذ صباح أمس السبت، تشهد عدة مدن سودانية بما فيها العاصمة الخرطوم اشتباكات عنيفة بمختلف الأسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خلّفت عشرات القتلى ومئات الجرحى بينهم مدنيون وعسكريون، بالتزامن مع مطالبات دولية بوقف فوري للقتال والجلوس للبحث عن مخرج للتهدئة.
وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان رسمي، أنها سيطرت على القصر الجمهوري ومقر سكن قائد الجيش ومطار الخرطوم الدولي بالعاصمة وقاعدة مروي العسكرية شمالي البلاد، الأنباء التي نفاها الجيش السوداني مشيراً إلى إنه ما يزال يسيطر على جميع القواعد والمطارات.
وتعتبر قوات الدعم السريع من تأسيس الرئيس السابق عمر البشير، وكانت عبارة عن ميليشيات تحمل اسم “جنجويد”، وكان الهدف المعلن لها حينها دعم الجيش السوداني في حربه بإقليم دارفور غربي البلاد.
و”الجنجويد” وهو مصطلح مركب يتألف من مقطعين يعني الجني الذي يركب جواداً أو الجني الذي يحمل رشاش “جيم 3”.
تابعونا عبر فيسبوك
واتُهمت قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات ومجازر بحق السكان المدنيين في الحروب التي شاركت فيها بقيادة الرئيس السابق عمر البشير ضد الحركات المسلحة في دارفور.
وبعد حسم المعارك في المنطقة، ضُمّت هذه القوات عام 2013 إلى استخبارات حرس الحدود السوداني التابع للجيش تحت اسم “قوات الدعم السريع”، ولاحقاً وضعت تحت تبعية الحكومة السودانية بإمرة جهاز الأمن والمخابرات، وفي عام 2016 باتت تتبع لرئاسة الجمهورية، ويبلغ تعدادها نحو 100 ألف عنصر منتشر في مختلف المناطق وفقاً للتقديرات.
وفي عام 2017، حصل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” على رتبة عسكرية رسمية استناداً إلى قانون أقره البرلمان.
وظلت هذه القوات مقربة من البشير حتى بدء “الانتفاضة الشعبية” في السودان عام 2018، حيث رفض قائدها محمد حمدان دقلو “حميدتي” طلباً بقمع المتظاهرين، لتنضم قيادة القوات إلى اللجنة الأمنية التي قررت الرضوخ إلى طلب المتظاهرين، وخلع البشير، لكنها عادت في مرحلة لاحقة للمشاركة في فض اعتصام القيادة بالمشاركة مع قوات أخرى، فاتهمت بقتل المتظاهرين.
وبعد انتهاء حكم عمر البشير عام 2019، تشكلت حكومة مشتركة من المدنيين والعسكريين، لكنها أسقطت لاحقاً بعد انقلاب عسكري آخر شارك فيه قوات الدعم السريع في تشرين الأول 2021، معطلاً بذلك جهود الانتقال إلى إجراء انتخابات، ليتولى الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش رئاسة المجلس السيادي الانتقالي بمشاركة حميدتي في منصب نائب المجلس.
وبدأت الخلافات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني بالظهور بالتزامن مع الحديث عن ملف الإصلاح الأمني والعسكري، فكانت هذه الخلافات السبب في عرقلة التوصل إلى اتفاق نهائي يحسم الفترة الانتقالية التي تعيشها البلاد منذ خلع البشير، إلا أن الخلاف الأكبر كان حول دمج قوات التدخل السريع بالجيش ومن سيقود المؤسسة العسكرية.
وخلال الفترة الماضية، تصاعد التوتر بين البرهان وحميدتي وأعلن الأخير في 19 كانون الأول الماضي، أن انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية عام 2021، كان خاطئاً ومدخلاً لعودة النظام السابق.
وكان الاتفاق الجديد الذي لم يوقع، يهدف إلى إحياء عملية الانتقال الديموقراطي في السودان إلا أن الخلاف حول شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش عطل الاجتماع بحسب وكالة “فرانس برس”.
وفي الأيام القليلة الماضية ازداد التوتر بين قوات الدعم السريع والجيش ولجأ كل طرف إلى تعزيز مواقعه العسكرية في العاصمة.
شاهد أيضاً : العلاقات الأمريكية بدول الاتحاد الأوروبي تتآكل.. والسبب؟!