آخر الاخباررأس مال

حرب السودان تهدد صناعة المشروبات الغازية في العالم

يلقي الخرطوم الصراع المسلح الذي اندلع منذ منتصف الشهر الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، بآثاره القوية على مجمل الأوضاع في البلد الذي يرزح منذ سنوات تحت أزمة اقتصاديّة خانقة.

وتمتد تأثيرات الصراع إلى صادرات السودان مع تراجع الإنتاج الزراعي بشكل عام جراء سياسات الحكومة غير المحفزة، وارتفاع تكلفة الإنتاج جراء الزيادات المضطردة في أسعار الوقود.

تابعونا عبر فيسبوك

ومع تمدد رقعة الاشتباكات المسلحة إلى ولايات كردفان، ودارفور ومناطق أخرى، تتزايد المخاوف من الأثر السيء على محصول الصمغ العربي البالغ الأهمية للعديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية تعتمد عليه بشكل أساسي في صناعات المشروبات الغازية والأدوية والحلويات.

وينتج السودان 80% من إجمالي الإنتاج العالمي من الصمغ العربي، ويعمل في هذا القطاع أكثر من 5 ملايين نسمة في 13 ولاية مختلفة، ويحتل حزامه في السودان مساحة تبلغ 500 ألف كيلومتر.

وعلى الرغم من كون الصمغ العربي ثروة مهمة، فإن الحكومات المتعاقبة في السودان تجاهلت تطوير إنتاجه، في حين تم تهريب القسم الأكبر من الإنتاج إلى دول الجوار المتاخمة للحدود الغربية، وسط شكاوى المنتجين من تدني العائد مقارنة بالجهد المبذول في الحصاد، الذي يتم في العادة خلال شهر تشرين الثاني من كل عام وسط ظروف قاسية.

وفي مقابل تجاهل الحكومات السودانية لتطوير صناعة الصمغ، تظهر الولايات المتحدة وشركات غربيّة عديدة اهتمامها بهذا المنتج، حيث أعفته واشنطن من العقوبات التي فرضت على السودان لنحو 20 عاماً في سياق خلافات الإدارة الأمريكية مع نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وسمحت بتصديره بتسهيلات كبيرة لأنه مادة أساسية لصناعة المشروبات الغازية، ويدخل في تركيب أنواع عديدة من العقاقير الطبيّة، علاوة على صناعة الحلويات.

وبسبب تهريب كميات ضخمة من الصمغ إلى دول إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر، يعتبر العائد من الصمغ زهيداً للغاية في الموازنة العامة، حيث لا يتعدى 3.4% من الناتج المحلي.

ولم تتجاوز عائدات تصدير الصمغ العربي، وفق إحصائيات بنك السودان المركزي منذ 2009، أكثر من 350 مليون دولار سنوياً.
ويؤكد أستاذ الدراسات التجارية، والمحلل الاقتصادي الدكتور عبد العظيم المهل أن الصمغ العربي الذي يحتكر السودان إنتاجه، له أهمية كبيرة في 100 صناعة مختلفة.

ويشير إلى أن العائد منه يبلغ ما بين 150 و300 مليون دولار سنوياً، معتبراً أن هذا الرقم لا يتناسب مع حجم الصمغ العربي وأهميته، وتعدد استخداماته.

ويؤكد المهل أن كميات كبيرة من المحصول تهرب إلى دولة تشاد، وبعض دول الجوار الأخرى، ثم تشحن إلى فرنسا التي تعيد تعبئته، وتصديره للولايات المتحدة الأمريكية، ودول أخرى بمليارات الدولارات.

ويؤكّد الخبير الاقتصادي أنه لا بديل للصمغ العربي في العالم، لذلك تم استثناؤه من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على السودان في التسعينيات لكونه سلعة إستراتيجية لأمريكا، حيث يدخل في صناعة المشروبات الغازية، بالإضافة إلى حوالي 100 صناعة أخرى.

ويؤكّد المهل أن الصمغ العربي قادر لوحده على النهوض باقتصاد السودان، إذا تم تطويره ومنحت له قيمة مضافة عن طريق الصناعة والتغليف والتعبئة.

بدوره قال المحلل، والمتخصص في شؤون الاقتصاد السوداني الدكتور هيثم محمد فتحي: إن “الولايات المتحدة الأمريكية تستورد 70% من الكميات التي ينتجها السودان، مضيفاً أن جزءاً منها يصل مباشرة من السودان، والباقي يتم استيراده بعد إعادة إنتاجه في دول أوروبية.

يذكر أن الصراع المسلح حالياً بعيد عن مناطق الإنتاج، كما أن ميناء بورتسودان ومطارها لا يزالان يعملان، بالإضافة إلى عدد من المنافذ البرية بينها معبر أرقين الرابط بين السودان ومصر.

شاهد أيضاً:كيف تؤثّر الأزمة الاقتصادية في تركيا على الانتخابات ؟

زر الذهاب إلى الأعلى