من الاكتفاء للاستيراد.. إليكم حكاية القمح السوري ؟
منذ العام 1990 وحتى عام 2011 ، ظلت سوريا الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح، وباتت دولة مكتفية ذاتياً ومصّدرة للمادة أيضاً.
حافظت سوريا خلال تلك المدة على نحو 1.6 مليون هكتار من المساحة المزروعة بالقمح، وأبقت الإنتاج أعلى من الحاجة محتفظة بمخزون استراتيجي يكفي لعامَين في الحد الأدنى.
تابعونا عبر الفيسبوك
كانت سوريا تؤمّن حاجة الأردن من المادة بشكل كامل، في حين كانت تؤمّن جزءاً من حاجة مصر وتونس، إضافة إلى تصدير القمح إلى أوروبا وخاصة إيطاليا من أجل إنتاج المعكرونة بسبب نوعية القمح السوري الجيدة.
فكيف وصلت سوريا من مرحلة الاكتفاء إلى الاستيراد؟
وفق إحصاءات رسمية صادرة عن وزارة الزراعة السورية، بلغ متوسط المساحة المخصصة لمحصول القمح في سوريا قبل الحرب 1.68 مليون هكتار.
بعد العام 2011، تدهور إنتاج القمح بشكل كبير، وخرجت أكثر من نصف المناطق المنتجة للقمح في شمال وجنوب البلاد من الإنتاج، ما اضطر سوريا خلال عام 2012 إلى استيراد الطحين لأول مرة.
أنتجت سوريا عام 2012 قرابة مليوني طن من القمح رغم تأثُّر مناطق الإنتاج الرئيسية بالحرب والأحوال الجوية السيئة، وتراوحت نسبة التراجع ما بين 30% و40%.
عام 2013 بلغ إجمالي إنتاج القمح نحو 3 ملايين طن، وهو كان الأسوأ منذ 30 عاماً، حيث شهد طفرة باستيراد القمح إلى البلاد، وزادت كمية القمح المستورد إلى 2.4 مليون طن.
في عام 2014 حصدت سوريا أسوأ محصول قمح، فانخفض الانتاج لأقل من مليون طن، نتيجة الجفاف الشديد الذي شهدته البلاد، بالإضافة إلى ظروف الحرب.
عام 2016 بلغ إنتاج سـوريا من موسم القمح 1.7 مليون طن فقط.
بينما وصل عام 2017 إلى مليون و850 ألف طن.
في العام 2018 انخفض الانتاج إلى المليون و200 ألف طن، بحسب منظمة “الفاو” للأغذية.
2019 أتت الحرائق على سوريا وأفسدت 10% من محصول القمح، حيث قدّرت المساحات المحترقة بأكثر من 80 ألف دونم في عموم البلاد، وكان من المتوقع أن يتراوح الإنتاج بين 2.7 و3 ملايين طن في ذلك العام، وهو الموسم الأضخم منذ أكثر من 10 سنوات.
العام 2021 سجّل أدنى نسبة إنتاج لسـوريا في محصول القمح، منذ 50 عاماً، حيث نقص بنسبة 63% عن إنتاج السنة السابقة ليصل إلى 1.05 مليون طن، بعد أن سجل 8 مليون في عام 2020.
عام 2022 عندما بدأت الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت روسيا إيقاف تصدير القمح، ما أثر بشكل كبير على سـوريا، التي كانت تستورد معظم قمحها من هناك.
سوريا تحتاج إلى مليوني طن من القمح سنوياً لتأمين حاجتها من الخبز، إضافة إلى 360 ألف طن من البذور، ونحو 800 ألف طن للاستخدامات الأخرى من صناعة البرغل والمعكرونة والفريكة والسميد وغيرها، بحسب إحصاءات وزارة الزراعة، ومجموعها يزيد على 3 ملايين طن.
وفي العام 2023 شهد إنتاج القمح تحسن ملحوظ، حيث وصلت نسبة التنفيذ في المساحات المزروعة بالقمح والشعير في البعل إلى أكثر من 70 % والمروي 94 %، وبلغت المساحات المزروعة نحو مليون هكتار في المناطق الآمنة، وعلى كامل مساحة سوريا 1,6 مليون هكتار، وفق رئيس الاتحاد العام السوري للفلاحين، الذي توّقع أن يكون إنتاج القمح ما بين 2 إلى 3 ملايين طن على مستوى القطر.
وهو ما يُظهر أن سوريا تسعى لاستعادة مكانتها في قطاع زراعة القمح، سيما بعد استعادة معظم الأراضي التي كانت خارجة عن سيطرتها.