ما بعد القمة.. كيف ستتجاوز دمشق عقوبات واشنطن بالتعاون مع العرب ؟!
في أول خطاب له أمام قمة إقليمية كبرى منذ أكثر من عقد، قال الرئيس السوري بشار الأسد الجمعة للدول العربية، إن نظاماً عالمياً جديداً يدعو إلى إعادة ترتيب الشؤون الدولية دون “تدخل غربي”.
واستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرئيس الأسد بترحيب حار قبل بدء أعمال القمة العربية، في اجتماع تاريخي، شوهد الزعيمان وهما يتعانقان قبل أن يلتقطا صوراً معاً، في خطوة اعتبرها المراقبون انتصاراً للرئيس الأسد.
وقال الأسد في القمة التي عُقدت في جدة: “اليوم أمامنا فرصة تغيير في النظام العالمي الذي أصبح متعدد الأقطاب بسبب هيمنة الغرب الخالي من المبادئ والأخلاق والأصدقاء أو الشركاء. إنها فرصة تاريخية لإعادة ترتيب شؤوننا بأقل قدر من التدخل الغربي”.
قد يكون للحديث عن التعددية القطبية والنظام العالمي المتغير صدى لدى السعوديين وغيرهم من الدول الإقليمية ذات الوزن الثقيل مثل الإمارات العربية المتحدة، إذ أن كليهما كانا يعيدان تقييم علاقاتهما الدولية بطرق لا تتماشى تماماً مع رغبات حلفائهما التقليديين في الغرب. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمته الافتتاحية، إن الدول العربية ليس لديها خيار سوى العمل معاً ككتلة “في مواجهة الضغوط متعددة الأقطاب”.
وأكد المراقبون، كانت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في الطليعة لإعادة التأهيل الإقليمي لسوريا حتى مع استمرار العقوبات الأمريكية الشديدة على دمشق. كما قامتا بإصلاح العلاقات مع إيران، وهي واحدة من أكثر الدول التي تخضع للعقوبات على وجه الأرض، وبحثتا فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع طهران. في غضون ذلك، نمت علاقاتهما مع روسيا والصين فقط.
تابعونا عبر فيسبوك
وقال المراقبون: “حقيقة أن العالم العربي الآن يطبّع علامة جيدة جداً للأسد، لأنه يرى أن العالم العربي ينضم إليه في معارضة الولايات المتحدة، وسوريا ستعول على العالم العربي لتتحدى الولايات المتحدة وأوروبا وتدفعهم نحو “التطبيع مع سوريا”.
وشددت الدول العربية على أنه مع تزايد الاستقطاب في العالم بعد الحرب الأوكرانية، إلا أنها لن تنجر إلى الصراع بين الشرق والغرب. لكنها قلقة أيضاً من نفور حلفائها الغربيين، الذين كانت تعتمد عليهم اقتصادياً وعسكرياً لعقود.
وفي وقت سابق، قدم عدد من المشرعين الأمريكيين “قانوناً لمكافحة التطبيع مع دمشق” بعد أربعة أيام من إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية، والذي يهدف إلى منع الولايات المتحدة من تطبيع العلاقات مع سوريا، فضلاً عن تشديد العقوبات ضد الحكومة السورية”، بحسب ما قالته صحيفة وول ستريت جورنال.
لكن في الوقت ذاته، كشفت الصحيفة عن مصادر مقربة من الإدارة الأمريكية، أن “إدارة بايدن تدرس إمكانية رفع العقوبات عن سوريا وفق المعطيات السياسية الأخيرة في الشرق الأوسط والمنطقة العربية”.
وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، إنه بينما “أعربت العديد من الدول العربية عن استعدادها لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار، فإن جميع الدول تدرك العقوبات القائمة ولا تنوي خرقها”.
تابعونا عبر فيسبوك
وقال زكي: “ليس لدى أي طرف الرغبة أو النية للتصادم مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضية. لا أحد لديه النية للوقوف في وجه هذه العقوبات أو التعامل معها وكأنها غير موجودة … لا أحد يريد المخاطرة في هذا الاتجاه”.
وأضاف زكي، أن الدول العربية ستبحث عن الطريقة الأمثل للالتفاف حول العقوبات، في سبيل تقديم اللازم لدمشق للنهوض الاقتصادي، خاصة بعد عودتها إلى الحاضنة العربية مؤخراً”.
وفي السياق، ذكر مراقبون ربما “تنظر دمشق إلى اثنين من أقرب حلفائها كأمثلة على المرونة في مواجهة العقوبات الدولية، حيث تم فرض عقوبات على روسيا وإيران لكن استطاعوا الخروج من إطار هذه الإجراءات الغربية، من خلال العمل على صعيد الدول المؤيدة لمساراتهم السياسية”.
وسبق قمة جامعة الدول العربية التي عقدت الجمعة عدد من الاجتماعات رفيعة المستوى في جدة، حيث دعا وزير الاقتصاد والتجارة الدولية السوري محمد سامر الخليل نظراءه العرب إلى الاستثمار في سوريا “في ظل الفرص المهمة الحالية والآفاق الواعدة وقوانين جديدة جذابة للمستثمرين”.
لكن المراقبين اختلفوا حول ما إذا كان التعاون الاقتصادي الحقيقي مع سوريا ممكنًا دون الوصول إلى النظام المالي الغربي، الذي أعاقت العقوبات الغربية على البلاد المسار إليه.
وقال المراقبون: إنه “بينما لا يمكن التعامل مع سوريا إلا “بحدود” ، إلا أن هناك فرصاً لا تؤدي إلى “خرق العقوبات أو جذب الكثير من الاهتمام من وزارة الخزانة الأمريكية”.
وأضاف المراقبون، أنه يمكن القيام بالعمل الإنساني وإعادة الإعمار تحت رعاية مختلف المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة وما إلى ذلك”. كما يمكنهم أيضاً محاولة العمل مع روسيا أو من خلالها، وربما مع إيران وعبرها – رغم أن ذلك ينطوي على مخاطر واضحة”، في إشارة إلى الدول العربية التي ترغب في القيام بأعمال تجارية في سوريا.
وتابع المراقبون، أنه “هناك الكثير من الطرق للقيام بذلك”.
شاهد أيضاً : طهران تعيّن سفيرها لدى الرياض