العودة إلى النقطة الأولى.. ما أسباب العرقلة في ملف التطبيع بين دمشق وأنقرة ؟!
في وقت تتزايد فيها التحركات العسكرية التركية المترافقة مع القصف المدفعي والغارات الجوية بالمسيرات على مواقع ضمن الأراضي السورية، يبدو أن ملف التطبيع بين أنقرة ودمشق عاد للنقطة الأولى، وفق مراقبين.
ويواكب عدمَ الاستقرار، كتاباتٌ من أوساط “حزب العدالة والتنمية” تهدّد بالعودة إلى حلب، بل وبالسيطرة حتى على كلّ من حمص وحماة، ولو من طريق نشر قوات تابعة للأمم المتحدة أو أخرى دولية.
ولا شكّ في أن تصريحات الرئيس السوري، بشار الأسد، في مقابلته الأخيرة مع تلفزيون “سكاي نيوز عربية”، كانت شديدة الوضوح إزاء مسألة اشتراط الانسحاب التركي من سوريا، قبل الشروع في أيّ مفاوضات وإنجاز عملية التطبيع بين البلدين، فيما جلّى الانسدادَ القائم تأكيده أن “تركيا لا تريد الانسحاب، بل إضفاء مشروعية على احتلالها للأراضي السورية”.
ويرى مراقبون، أن الأحداث والتصريحات الأخيرة، تعدّ مؤشراً قويّاً إلى اتّجاه الأوضاع بين البلدَين تسير إلى شيء من التصعيد، إذ لا يبدو أن أيّ تقدُّم أُحرز في الاجتماعات الكثيرة التي عُقدت بينهما، تارةً على مستوى وزراء الدفاع، وتارةً أخرى على مستوى وزراء الخارجية أو نوابهم. وممّا يزيد حدةّ التشاؤم، أن تلك الاجتماعات عُقدت برعاية كلّ من روسيا وإيران، وبمشاركة وزرائهما، ومع ذلك، فهي لم تسفر عن شيء.
تابعونا عبر فيسبوك
وبحسب المراقبين، فإن تركيا، خلال العام الماضي، اكتفت بالقول إنها “لا تضع أيّ شرط مسبق للتفاوض مع سوريا”، وهو ما يمكن أن يكون مقبولاً بين فريقَين متوازنَين، لكن أن يتحدّث طرف تحتلّ قواته جزءاً كبيراً من أراضي الطرف الآخر، عن “عدم الاشتراط المسبق”، فهذا يُعدّ “تلاعباً بمعايير التكافؤ”.
وقد جاءت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ووزير خارجيته، حقان فيدان، لتؤكد أن السياسات التركية السابقة على إعادة انتخاب أردوغان رئيساً، لا تزال تتحكّم بموقف أنقرة.
وأكد مراقبون، أن “الجيش التركي لن ينسحب من سوريا إلّا إذا لم يَعُد هناك وجود لأيٍّ من مقاتلي (قسد)، ما يعني عمليّاً أن الانسحاب غير وارد في المدى المنظور، مع التذكير هنا بأن (قسد) واقعةٌ تحت رعاية مباشرة من واشنطن، وأن التخلّص منها يتطلّب انعطافة كبيرة في موقف هذه الأخيرة التي لا تبدو في وارد التخلّي عن ورقة لا تزال تعتبرها ضرورية لاستراتيجيتها في سوريا، وفي المنطقة ككلّ.
وأضاف المراقبون، أن “أردوغان، ولا سيما في خضمّ سعيه إلى الخروج من الأزمة الاقتصادية في بلاده، لا يبدو في وارد الدخول في صدام مع الولايات المتحدة التي أعلنت جهاراً معارضتها عملية المصالحة التركية – السورية”.
ووفقاً لوسائل إعلام، “فلا تأتي أنقرة على ذكر وجود آلاف المسلّحين في إدلب والمناطق التي تسيطر عليها، في ما يؤشّر إلى أنها لا تزال تحتاج إلى هؤلاء في أكثر من مكان لتحارب بهم”.
أمّا القضيّة الأكثر دلالة على تعنّت تركيا بحسب مراقبين، فهي قضيّة اللاجئين، إذ لا تنتظر بدء المفاوضات مع الحكومة السورية للتنسيق في شأن حلّ هذه المعضلة، بل هي تقرّر طريقة “الحلّ” وآليته: أن “يعود جزء من اللاجئين من ذوي الانتماءات المحدّدة عرقيّاً ومذهبيّاً إلى مناطق محدّدة _ ليست مناطقهم الأصلية – في شمال غرب وشرق سوريا، حيث تُقام لهم مجمّعات سكنية جاهزة بتمويل من قطر”.
وفي المحصّلة، يتبيّن أن تركيا لا تزال متمسّكة بالمحدّدات القديمة لموقفها من الأزمة في سوريا، لا بل هي تعود، حتى على الصعيدَين العسكري والإعلامي، إلى مربّعها الأول، بحسب ما قاله المراقبون.
شاهد أيضاً : “التطبيع بين سوريا وتركيا”.. تقرير لصحيفة يتحدث عن المسار والمطلوب