كيف استطاعت “قسد” فرض سيطرتها على الشرق السوري قبل انتفاضة العشائر ؟!
تساءل موقع “عربي بوست” عن الكيفية التي استطاع بها “الأكراد” تأسيس دولة على مساحة تقدر بـ”ثلث مساحة سوريا”؟!، حيث تتولى “الإدارة الذاتية” إدارة مناطق انتشارها رفقة جناحها العسكري “قسد” في شمال وشمال شرقي سوريا، عبر “مجالس محلية مدنية وعسكرية”.
وكثير من أكراد سوريا هم من أصول تركية حيث طردوا منها قبل عقود إثر “تمرد كردي” ضد مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، وجاؤوا لسوريا في عهد الاستعمار الفرنسي.
وأتاح القضاء على تنظيم الدولة ككيانٍ سياسي، في آذار 2019، الفرصة لـ”قسد” للسيطرة على نحو ثلث الأراضي السورية، حيث يُقيم ملايين السوريين ومعظمهم من غير الأكراد، حسب ما ورد في ورقة بحثية أعدها الباحثان إليزابيث تسوركوف زميلة أبحاث في منتدى التفكير الإقليمي، المتخصصة في الشؤون السورية والعراقية، وعصام الحسن الباحث المقيم في دير الزور، المتخصص في السياسة القبلية، ونُشرت في موقع مركز “كارنيغي”.
وتبنّت “الإدارة الذاتية” خطاب الحكم الذاتي القائم على “أخوة الشعوب”، وفي الوقت نفسه، أبدت رفضها التخلّي عن أية سلطة فعلية في مجال صناعة القرار، وتسليمها إلى الجماعات الكردية الأخرى أو إلى القيادة السياسية والعسكرية الاسمية للمشاركين العرب في “الإدارة الذاتية وقسد”، ويقول السكان المحليون في المدن ذات الأكثرية العربية الخاضعة لسيطرة “قسد” إنَّ تهميش العرب من آلية الحكم في مناطقهم يولِّد مشاعرَ استياء لدى العرب المثقَّفين والمتمرِّسين، الذين يعتبرون أنفسَهم غير معنيين بإدارة مناطقهم.
تابعونا عبر فيسبوك
والواقع على الأرض في شمال شرقي سوريا يكشف أن “الكومونات” وغيرها من “وحدات الحكومة التابعة للأكراد”، هي بصورة أساسية عبارة عن وسيلة لتوزيع الخدمات وجمع المعلومات والسيطرة على السكان والإيحاء ظاهرياً بالمشاركة الشعبية، حسب التقرير، فصناعة القرار لا تزال مركزة في أيدي الكوادر، أي كبار العناصر في “حزب العمال الكردستاني”، من رجال ونساء، الذين تدرَّبوا في جبال قنديل وأدّوا دوراً ناشطاً في التمرد ضد تركيا، أو في التعبئة باسم “حزب العمال الكردستاني” في أوروبا.
هؤلاء الأشخاص معظمهم سوريون، لكنَّهم غادروا منازلَهم قبل عقود للانضمام إلى “حزب العمال الكردستاني”، وهم مَن يتولّون عادة اتخاذ القرارات الكبيرة والصغيرة في المناطق ذات الأكثرية الكردية والعربية على السواء.
وفي حين عُيِّن العرب في مناصب عسكرية ومدنية قيادية في جميع المناطق ذات الأكثرية العربية، يتّخذ الكوادر الحزبية الكردية الذين يوصَفون بأنهم “مستشارو” القادة العرب المحليين، معظمَ القرارات، ويتجاوزون أحياناً العرب المكلَّفين رسمياً بالمسؤوليات والمهام.
وقال زعيم إحدى القبائل الكبيرة في دير الزور: “يأتون من الجبال ويحاولون أن يحكموا مناطقنا التي لا يفهمون طبيعتها”، وفي أحد “المجالس العسكرية الكبرى” في مدينة ذات أكثرية عربية، سخر المقاتلون الأكراد الأدنى رتبة من رئيس المجلس المشترك، وهو رجل عربي، واصفين إياه بـ”البدوي”.
وفوجئوا عندما قال أحد كاتبَي تقرير كارينغي إنّ الرجل واسع الاطلاع، وإنه أدلى بمعلومات مفيدة عن المنطقة، حيث أبصر النور وترعرع.
وقد تحدّثت الرئيسة المشتركة لأحد المجالس المدنية في منطقة ذات أكثرية عربية، عن نظرة شائعة لدى زملائها في المجلس: “نحن نثق بشريكنا الكردي، لكنه لا يثق بنا”، لافتةً إلى أن “كل قائد عربي يتبع لقائد كردي أعلى منه”.
وتكشف المحادثات مع قياديين أكراد في “قسد” أنهم ينظرون إلى العرب المقيمين في شرقي سوريا على أنهم شديدو التمسك بانتماءاتهم القبلية، وينقادون بسهولة إلى النزاع الداخلي، وبأنهم بعيدون عن المبادئ، وغير جديرين بالثقة.
غالب الظنّ أنَّ السكان المحليين ينظرون إلى وجود “قسد” في المنطقة بأنه احتلال أجنبي، في ظل تمثيل حقيقي لأبناء المنطقة، حسب تقرير “كارنيغي”.
ولم يحاول الأكراد ولا داعموهم الغربيون يوماً إجراء انتخابات في مناطق انتشار “قسد” التي لا تحمل من الديمقراطية سوى اسمها، بحسب التقرير.
ويرى تقرير “كارنيغي” أن “التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم الدولة كان يجب أن يستخدم النفوذ الذي يتمتع به التحالف، وتشجيع حزب الاتحاد الديمقراطي لتمكين العرب والأكراد على السواء، والسماح لهم بتطبيق الإدارة الذاتية الفعلية”.
وختم التقرير بالقول إن المفارقة أن “الإدارة الكردية” اعتمدت على الشخصيات العشائرية غير المسيسة لبسط سيطرتها على المناطق العربية، وهمشت المثقفين والتنظيمات العربية، ولكن اليوم فإن القيادات العشائرية هي التي تقود الانتفاضة العربية ضد “الأبارتهايد الكردي” في شمال شرقي سوريا.
شاهد أيضاً : “قسد” تنتقم من قرى العشائر ؟!