“التطبيع” بين سوريا وتركيا.. حالة من الجمود وسط تصريحات الإحياء ؟!
يعيش مسار تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة في الأشهر الأخيرة حالة من الجمود، رغم التصريحات المتعاقبة من “أطراف الربعية” عن تحضيرات للقاءات تجمع بين وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران، وإحياء مسار “أستانا” من أجل الوصول إلى تسوية شاملة للأزمة السورية.
ففي 20 من أيلول الحالي، أوضح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف أن موسكو تعمل حالياً على تحسين خارطة طريق بشأن العلاقات بين أنقرة ودمشق، مبيناً أن موسكو تدعو إلى عقد اجتماع رباعي حول تطبيع العلاقات التركية السورية في أقرب وقت ممكن.
وقال بوغدانوف، “لم يتم تحديد موعد بعد ولكننا نعتقد، وقد قلنا ذلك لأصدقائنا في دمشق وأنقرة وطهران، إنه ليس لدينا وقت لنضيعه وعلينا أن نتحرك في أسرع وقت ممكن، والمضي قدماً في ذلك”، وفق ما نقلته وكالة “تاس” الروسية.
وتتضارب هذه التصريحات مع ما جاء على لسان وزير الدفاع التركي، يشار غولر، لصحيفة “ملييت”، قبل يومين، والتي شدد خلالها على جملة شروط تركية للانسحاب العسكري من الأراضي السورية، تتجلى بـ”إجراء انتخابات في سوريا، والتوصل إلى دستور جديد، وتشكيل حكومة تضم جميع فئات الشعب”.
لا تعتبر الشروط التركية وليدة اللحظة، إذ مررت صحيفة “يني شفق” المقربة من الحكومة، في 26 من حزيران الماضي، ما قالت إنها أربعة شروط تركية لتطبيع العلاقات مع دمشق، تمثلت بـ”التوصل إلى تعديل دستوري، وانتخابات في سوريا، وعودة آمنة للاجئين السوريين، والتعاون في مسألة مكافحة الإرهاب”، وتحديداً فيما يتعلق بحزب “العمال الكردستاني”.
تابعونا عبر فيسبوك
الشروط التركية سبقها شرط سوري منذ بداية مسار التقارب، والذي لا تراه أنقرة ممكناً في الوقت الراهن، ويتمثل بانسحاب قواتها من شمال غربي سوريا، قبل التوصل لأي تفاهم سياسي مع البلد الجار.
ورغم الاختلاف في صياغة الشروط التركية، فإن القاسم المشترك بينها أنها وردت ككل بعد الانتخابات الرئاسية التركية، التي جرت جولتها الثانية في 28 من أيار الماضي، وحافظ فيها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على منصبه لخمس سنوات مقبلة.
كما تبع هذه الانتخابات جولة مباحثات يتيمة بين أطراف “الرباعية”، جرت بالتزامن مع الجولة العشرين من مباحثات “أستانا” في 20 و21 من حزيران الماضي.
وحينها، أوضح نائب وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، أن أي نتائج فعلية لمسار “أستانا” يجب أن تستند إلى السحب الفوري للقوات التركية من الأراضي السورية.
كما اعتبر التصريحات التركية حول سيادة سوريا ووحدة أراضيها تتنافى مع استمرار “احتلالها” للأراضي السورية، وتخالف القانون الدولي، وأبسط مقومات العلاقات بين الدول، وفق تعبيره.
وبعد نحو خمسة أسابيع من اللقاء، نقلت وكالة “ريا نوفوستي” في 28 من تموز الماضي، عن مصدر لم تسمه في الدائرة الدبلوماسية الروسية، أن اجتماعاً لوزراء خارجية “أطراف الرباعية” قيد المناقشة حالياً، لكن جدول أعمالهم يجب أن يتزامن.
المصدر الروسي اعتبر أن العملية مستمرة، وأن مسألة اللقاء قيد النقاش، لكن للوصول إلى نتائج من الضروري توافق جداول أعمال الوزراء.
على الجانب الإيراني، قال كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، في 18 من أيلول، إن من الأمور التي تجري مناقشتها حالياً هي كيفية التعاون بين تركيا وسوريا، مع مشاركة إيران وروسيا، دون تحديد آلية للتنفيذ.
وأضاف خاجي في مقابلة مع صحيفة “الوفاق” الإيرانية، أن من القضايا المهمة في هذا الاتفاق مسألة مكافحة الإرهاب، وهو مبدأ مشترك يتفق عليه الطرفان، والقضية الأخرى هي عودة اللاجئين السوريين.
المسؤول الإيراني اعتبر أن لـ”تركيا الحق، ومخاوفها مبررة، على اعتبار وجود أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ على أراضيها”، مشيراً إلى أن عودة اللاجئين “مسألة خلافية”، فعودتهم تتطلب المرافق والبنية التحتية المناسبة، “الآن في سوريا لا بيت ولا ماء ولا طعام ولا مرافق فكيف يعودون”، بحسب خاجي.
بالنظر إلى حالة نشاط اللقاءات التفاوضية بين “أطراف الرباعية” خلال الفترة الأخيرة، تبدو بوضوح حالة الدفع بالمسار التي جرت قبل الانتخابات الرئاسية التركية، فانعقد لقاء لنواب وزراء الخارجية الأربعة، في 4 من نيسان الماضي، ثم لقاء لوزراء الدفاع وقادة الاستخبارات للأطراف ذاتها في 25 من الشهر نفسه، وصولاً إلى لقاء وزراء الخارجية في 10 من أيار، لأول مرة منذ بدء المسار.
شاهد أيضاً : “نفير عام وحظر للتجول ومعارك شرسة”.. ريف دير الزور على وقع النار من جديد ؟!