تركيا وسوريا في 2024.. بداية تسوية كُبرى أم تعقيد إضافي في الإقليم؟
تظل التصريحات الأخيرة لوزير خارجية تركيا، هاكان فيدان، محل استفسارات عديدة في أوساط المعارضة السورية، وهو ما يثير السؤال عما إذا كانت أنقرة قد تخلت تماماً عن الدعم للمعارضة السورية؟ وما هو مصير المناطق الشمالية في المستقبل؟ هذه التساؤلات تبقى بلا إجابة واضحة، خاصةً في ظل انحسار اهتمام المجتمع الدولي بالقضية السورية بشكل عام وانشغال تركيا بالقضايا الداخلية التي تخدم مصالحها.
يأتي هذا في ظل قلة الاجتماعات بين المسؤولين التركيين وممثلي المعارضة السورية، سواء على المستوى السياسي أو الفصائلي، حيث يتم التركيز على ضرورة الالتزام بمسارات الحل السياسي، بعد فشل محاولات عديدة لتوحيد الفصائل وإقامة هيكلية مؤسسية في المنطقة الشمالية، التي تنقسم بين “حكومتين”، إحداهما في ريف حلب تمتد إلى ريف الرقة، والأخرى تحت سيطرة زعيم “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، في إدلب.
وزير الخارجية التركي خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي أكد تمسك بلاده بالحل السياسي في سوريا، مشدداً على ضرورة تجنب أي صراع جديد بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة، ورأى أن تجدد الصراع سيؤدي إلى “نسيان الكراهية لدى الجانبين”، كما أشار فيدان إلى أن تصاعد الصراع سيؤدي إلى تكرار تدفق اللاجئين السوريين نحو تركيا، وهو ما تحاول تركيا تجنبه في ظل جهودها للتخلص من عبء اللاجئين.
تابعونا عبر فيسبوك
في الأشهر الأخيرة، تجاهلت الولايات المتحدة الغارات اليومية القريبة التي شنتها طائرات تركية مسيّرة ضد مناطق تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وهي الغارات التي استهدفت أيضاً مواقع نفطية ومستودعات، وفي هذا السياق، هاجم وزير الخارجية التركي واشنطن بسبب دعمها المستمر لقوات سوريا الديمقراطية، معتبرًا ذلك مساساً بأمن تركيا الوطني، يتعامل الجيش السوري بشكل ردعي مع هذه الغارات من خلال استهداف مواقع المسلحين.
تقوم تركيا بعمليات ترحيل للسوريين إلى الشمال السوري عبر تقديم مغريات وبناء وحدات سكنية في إطار مشروع “مدن الطوب”، بالإضافة إلى عمليات الترحيل القسري، أدت هذه الخطوات إلى انخفاض عدد السوريين في تركيا بنسبة 10% في عام 2023، حيث انخرطوا في مشروعات توظيف محلية، وأشارت الإحصاءات الجديدة إلى انخفاض عدد الحاصلين على بطاقة الحماية المؤقتة إلى أدنى مستوى منذ أكثر من سبع سنوات.
ويرى وزير الخارجية التركي أن نشوب أي صراع جديد سيفتح الباب أمام تعزيز حضور “حزب الاتحاد الديموقراطي” الكردي في سوريا، ويعتبر أن تصاعد الصراع سيساهم في تمكين المشروع الانفصالي للحزب في مناطق “الإدارة الذاتية” المدعومة من قبل الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يشكل نقطة توافق بين سوريا وتركيا في إطار مبادرة روسيا وإيران للتطبيع بين دمشق وأنقرة.
بشكل عام، تظهر تصريحات الوزير التركي وتطورات الأحداث في المنطقة تعقيد المشهد السوري وتأثيراتها على العلاقات الدولية، مع استمرار التوترات والتحولات المستمرة في المنطقة.
شاهد أيضاً: عبر المظلات.. القوات الأمريكية تزوّد قواعدها في سوريا بالمعدات