سلاح أمريكا الرخيص!
تغضب أمريكا من دولة ما فتقصفها بصواريخ «توماهوك».. إن ذلك مكلف جداً لشرطي العالم..
فإطلاق كل صاروخ من هذا النوع يكلّف الولايات المتحدة مليوني دولار وقدرته التدميرية موضعية.. قد يعطّل مدرج قاعدة جوية ويقتل بضعة جنود!
طيب.. تغضب أمريكا من دولة فتشنّ عليها حرباً اقتصادية.. إن ذلك لا يكلّفها أكثر من الحبر الذي كتبَ به ورقة العقوبات
وأما عن قدرة العقوبات التدميرية فقد تصل حدّ هلاك شعب، كما حدث حين وقع الحصار الدولي بقيادة الولايات المتحدة على العراق بسبب غزو الكويت.. ومات نصف مليون طفل في الحصار
لكن ليس كل الدول عراق!
سلاح أمريكا الرخيص
تعاقب أمريكا كل من يقف في طريقها كيفما تشاء، وبغير حساب!.. تجاوز عدد عقوباتها على عشرات الدول الـ 9 آلاف عقوبة حتى عام 2021.
يسيطر دولارها على 58 % من المعاملات التجارية حول العالم.. هذا سبب كافٍ لتكون عقوباتها فعّالة!
إذا شنّت أمريكا حرباً اقتصادية ضد دولة نامية فهذا أمرٌ يسير، أما حربها «النووية المالية» كما وصفها مسؤول أمريكي على دولة مثل روسيا فستكلّفها الكثير، ولن ينزف الدب الروسي لوحده!
لكن قبل الخوض في ذلك.. هل نجحت العقوبات تاريخياً في تحقيق أهدافها؟
سواء كانت العقوبات أممية تفرضها الأمم المتحدة أو أحادية الجانب تفرضها دولة بعينها كالولايات المتحدة فقد أثبتت أنها غالباً ما تكون أداة فاشلة في تحقيق أهدافها.
تابعونا عبر فيسبوك
منذ عام 1914 حتى اليوم نجحت 34 حالة عقوبات من أصل 116 حالة، وبالتدقيق أكثر في الـ 34 حالة التي اعتبرت ناجحة، يظهر أن 5 حالات فقط نجحت من خلال العقوبات لوحدها، بينما تم تنفيذ الباقي، إما من خلال التهديد أو استخدام القوة العسكرية!(المصدر دراسة نقدية للباحثان ترينا بارسي ناتاشا بهرامي – خبير العقوبات روبرت ريب).
إذاً فالعقوبات أثبتت أنها أداة فاشلة في إسقاط الحكومات أو دفعها للإذعان، لكنها أثبتت نجاحها في إفقار الشعوب، ولم تكن يد أمريكا وحدها ملطخة بالنتائج المأساوية للعقوبات على الشعوب بل شاركت الأمم المتحدة في هذا الأمر.
فقد أدت العقوبات الأممية إلى تجويع الشعب العراقي في التسعينات، وإلى إفقار سكان كوريا الشمالية.. ولم يكن لها تأثيرات حاسمة في تغيير الحكومات، حتى إن الولايات المتحدة اضطرت أخيراً لغزو العراق حين فشلت العقوبات في إخضاع صدام حسين أو خلعه.
طبّاخ السمّ آكله
روسيا أكثر دولة معاقبة في العالم خلال زمن قياسي، وقد تجاوزت في ذلك سوريا وإيران وكوريا الشمالية!
منتصف شهر آذار الماضي ارتفع عدد العقوبات المفروضة على روسيا من قبل أمريكا وحلفائها إلى أكثر من 5 آلاف عقوبة، بينما تواجه إيران نحو 3600 عقوبة، وسوريا 2600 عقوبة، وكوريا الشمالية 2000 عقوبة.
لكن الحرب الاقتصادية على روسيا لن تكون نزهة لأمريكا والغرب،حيث لدى موسكو نفوذ واسع في أوروبا، وبخاصة في قطاع الطاقة، فهي رابع أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، ويرتبط القطاعان الماليان الروسي والأوروبي ببعضهما البعض بشدة.
يقول رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل: «العقوبات على روسيا ستؤثر فينا أيضاً وعلينا أن نكون مستعدين لذلك»
لا شك أن أوروبا تعرّض نفسها لخسائر أكثر من الولايات المتحدة، لكن ذلك لا يعني أن أمريكا في مأمن، فحين كانت روسيا تحشد على حدود أوكرانيا، قال بايدن: «إن الدفاع عن الحرية سيكون له تكاليف علينا أيضاً».
وبعد مرور أسبوعين على إعلان روسيا الحرب على أوكرانيا وانطلاق سيل العقوبات الأمريكية على موسكو ارتفع معدّل التضخم في الولايات المتحدة بشكل غير مسبوق.
قال جو بايدن: « العائلات الأمريكية بدأت تشعر بآثار ارتفاع الأسعار بسبب بوتين»
ثم اتخذ الرئيس الأمريكي قراراً غير مسبوق باستخدام كميات كبيرة من احتياطي النفط الاستراتيجي في محاولة لخفض تكاليف الوقود المرتفعة.
بايدن قالها صراحة: «سندفع ثمن فرض العقوبات القاسية».. فهل يكون الثمن باهظاً؟!
وسام إبراهيم
شاهد التقرير بطريقة الفيديو: سلاح أمريكا الرخيص