منتحر أم مقتول.. لغز جريمة قتل صاحب أشهر شوكولا في سوريا
يروي المحامي “منار اليوسفي” لـ”كيو ستريت”، قضية غامضة توكّل بها والده مؤلف سلسلة “حكم العدالة” الإذاعية “هائل اليوسفي”، في منتصف الثمانينيات بدمشق.
القضية بدأت من عند رجل سبعيني يملك ماركة شوكولا شهيرة في سوريا، الذي قرر بعد وفاة زوجته وسفر أولاده إلى الخارج، الزواج من شابة (23عاماً) لرعايته، كونه يعاني من الشيخوخة وأمراض مزمنة.
تابعونا عبر فيسبوك
واستمر الزواج لسنوات عديدة، حتى تحولت إحدى الليالي الهادئة إلى مسرح جريمة مروعة.
ليلة هادئة تتحول إلى رعب
في تلك الليلة، كان الرجل يشاهد مسلسلاً تلفزيونياً، بينما كانت زوجته تقوم بالأعمال المنزلية في المطبخ.
وفجأة، عندما دخلت الزوجة لمشاركة زوجها المشاهدة، وجدته مضرّجاً بالدماء، جثة هامدة، وبجانبه مسدس، الأكثر غرابةً أنها لم تسمع صوت الطلق الناري، هل كان المسلسل يغطي صوت الجريمة، أم أن هناك ما هو أعمق؟
وصلت الشرطة إلى مكان الحادث، وبدت كل الأدلة تشير إلى انتحار الرجل، فالرصاصة دخلت من صدغه الأيمن وخرجت من أعلى رأسه جهة اليسار، وتقرير الطب الشرعي أكد هذا السيناريو، لكن، هل كانت الأمور بهذه البساطة حقاً؟
تنويه: المنتحر باستخدام المسدس تكون الفوهة “السبطانة” غير ملاصقة للصدغ ولا بعيدة لأنه يكون بحالة تردد، أي بمسافة تقريبية تتراوح ما بين 2-3 سم، والزاوية المرسومة ما بين أسفل الفوهة والصدغ 30 درجة مئوية.
حصر الإرث يقود إلى نبش قبر المتوفى
يكمل “منار اليوسفي” لـ”كيو ستريت” سرد القصة: بعد شهرين، جاء أحد أبناء المتوفى إلى مكتب والدي المحامي “هائل” ليقدم الأوراق الخاصة بحصر الإرث.
وعند مراجعة والدي الأوراق لفته رداءة الخط للمتوفى، ليسأل الابن إذا كان والده يستخدم يده اليسرى أي “أشول”؟، ليجيب بنعم والدي يستخدم يده اليسرى في الكتابة والتوقيع والطعام ..إلخ
تلك المعلومة أثارت الشكوك لدى “اليوسفي”، فكيف يمكن لرجل يستخدم يده اليسرى أن يطلق النار على نفسه باستخدام يده اليمنى؟!
الابن أوكل المحامي بمتابعة القضية، وكشف ملابسات وفاة والده، وبالفعل تقدم الأخير بادعاء واستحصل على قرار من المحامي العام والقاضي الشرعي بنبش قبر المتوفى وإعادة مطابقة واقع الحال للجثة مع تقرير الطبيب الشرعي.
المفاجأة أن تقرير الطب الشرعي لا لبس فيه، فالنتائج أكدت أن الرصاصة دخلت من الصدغ الأيمن وخرجت من أعلى الرأس جهة اليسار، مما يشير إلى أن هناك تدخلاً جرمياً، كونه لا يستخدم يده اليمنى.
الابن وجه أصبع الاتهام إلى أرملة أبيه، التي تم استدعاؤها إلى التحقيق، وعند مواجهتها بالدليل اعترفت بجريمتها.
كان رهان الزوجة أن زوجها لن يعيش طويلاً بسبب مرضه وشيخوخته، وكانت تطمح في الحصول على ميراثه الضخم، لكنها فقدت صبرها بعد مرور أربع سنوات دون أن يتحقق ما كانت تأمله.
في ليلة الجريمة، استغلت مشاهدة زوجها للمسلسل التلفزيوني، ورفعت الصوت إلى أعلى حد، ما آثار استغراب الأخير الذي سألها عن سبب رفعها الصوت لهذه الدرجة، لتجيبه أنها “لا تريد أن يفوتها شيء خلال ترتيبها المطبخ”.
وبهذا الأثناء استلت من الدرج الخاص بالزوج الموجود في غرفة نومه، مسدساً، واتجهت ناحيته وخلال غرقه بمشاهدة التلفزيون وعلى غفلة منه، صوبت المسدس نحو صدغه وأطلقت الرصاصة القاضية على زوجها مستغلةً صوت التلفزيون لتغطية صوت الطلق الناري، متمنيةً أن يظهر الأمر وكأنه انتحار.
العدالة تأخذ مجراها
بعد اعترافها، حُكم على الزوجة بالإعدام، لكن تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، وبعد 23 عاماً، تم إطلاق سراحها بعفو رئاسي، لكنها لم تحصل على أي جزء من الميراث، حيث ينص القانون على أن القاتل يحرم من الميراث، استناداً إلى القاعدة التي تقول “من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه”.
هذه القصة التي تجاوزت حدود الخيال تحولت إلى واحدة من أكثر القضايا إثارة في تاريخ القضاء السوري، حيث أظهر المحامي “هائل اليوسفي” كيف يمكن للحقائق الصغيرة أن تكشف عن جرائم كبيرة.
شاهد أيضاً: متزوج ولدي طفلة.. وأنا آخر من يعلم !