الفصائل تشعل الشمال بأكبر خرق لوقف التصعيد ؟!
بعد ساعات من إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، شنّت الفصائل المسلحة في سوريا هجوماً على مواقع الجيش السوري في ريفي حلب الغربي وإدلب. ضمن منطقة “خفض التصعيد” التي تضمنها كل من تركيا وروسيا.
وانطلق الهجوم الذي أطلقت عليه الفصائل اسم “ردع العدوان”، على محاور عدة في ريف حلب الغربي، وتخللته هجمات بالسيارات المفخخة، والقذائف الصاروخية، الأمر الذي دفع قوات الجيش السوري، وفق مصدر ميداني، إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار، انسحبت خلالها إلى مناطق خلفية، لإفساح المجال لسلاح الجو السوري والروسي الذي كثف طلعته.
العمليات جرت بالتوازي مع عمليات قصف مستمرة على مواقع الفصائل، وخطوط إمدادهم الخلفية، في وقت وصلت فيه تعزيزات عسكرية كبيرة إلى حلب لبدء تنفيذ عملية عكسية.
وبدا لافتاً، خلال الهجوم الذي تديره غرفة تحمل اسم “الفتح المبين” وتقودها بشكل أساسي “هيئة تحرير الشام”، وتشارك فيها فصائل تابعة لـ”الجيش الوطني” الذي أسسته تركيا، الحضور الإعلامي المكثف لتغطية المعارك، وسط إصابات في صفوف وحدات الجيش السوري، والتي كان من المفترض أن تكون محمية بموجب اتفاقية خفض التصعيد.
تابعونا عبر فيسبوك
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر ميدانية أن “ما يجري يمثل خرقاً كبيراً لاتفاقية خفض التصعيد، ولن يمرّ من دون ردّ”، مضيفة، أن قوات الجيش “استوعبت الهجوم، وقامت بتحصين مواقع حماية حلب وعدد من النقاط الاستراتيجية، تمهيداً لبدء عملية عكسية لاستعادة المناطق التي دخلها المسلحون، من دون أن تنفي إمكانية التقدم إلى مناطق جديدة”.
وشدّدت المصادر، في الوقت نفسه، على “احترام الجيش السوري للاتفاقية وهو ما لم تقم به الفصائل المدعومة من تركيا بشكل مباشر، والتي تشارك قطر في تمويلها”.
وتأتي حملة التصعيد الجديدة في الشمال السوري بعد أيام قليلة من محاولة تركيا ممارسة ضغوط من أجل تمرير اتفاقية إعادة العلاقات مع سوريا من دون سحب قواتها من الشمال السوري، الأمر الذي ترفضه الحكومة السورية بشكل قاطع، وتعتبره روسيا “ممارسة احتلالية”.
وفي هذا الإطار، تربط المصادر بين الضغوط التركية وهجمات المسلحين، مشيرة إلى ما نشرته وسائل إعلام تركية، في وقت سابق، حول وجود تعاون بين “هيئة تحرير الشام” والاستخبارات الأوكرانية، وما تم تداوله أخيراً حول تقديم أوكرانيا دعماً للفصيل المصنّف على لوائح الإرهـ.ـاب، علماً أن اللقطات التي تناقلتها وسائل إعلام معارضة أظهرت امتلاك الفصائل المسلحة تجهيزات حديثة، فيما وثّقت مقاطع أخرى مشاركة فصائل غير سورية، في الهجوم.
وتسبب إشعال الفصائل المسلحة جبهات ريف حلب الغربي بحركة نزوح كبيرة من قبل سكان القرى المحاذية لخطوط التماس، نحو الحدود التركية المزدحمة بمخيّمات النازحين الذين يعيشون ظروفاً مأسوية، في ظل تراجع الدعم الأممي جراء نقص التمويل من قبل الدول المانحة.
وفيما تراكم هذه الهجمات مزيداً من الأزمات الإنسانية، فهي قد تفتح الباب أمام تحوّل كبير في خريطة السيطرة في الشمال السوري، على وقع ردّ الجيش السوري على الخرق الكبير لاتفاقية “خفض التصعيد”، وتورط تركيا المباشر في ما يجري، عبر دعم الفصائل التي شاركت في الهجوم، وعدم ممارستها دورها باعتبارها “دولة ضامنة” للاتفاقية.
شاهد أيضاً : اتفاق لبنان.. ماذا كسب “نتنياهو” وماذا خسر ؟!