خلال الحرب.. وكالات مزروة يومياً بعضها لبيع عقارات بريف دمشق
نور ملحم
لم تكن خسارة “أمّ أياد” لمنزلها الذي تزوجت به وأنجبت أطفالها العشرة كغيرها من السوريين ممن فقدوا منازلهم في الحرب، بل كانت ضحية التزوير الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة.
تقول السبعينية لجريدتنا «كان منزلنا بمنطقة “شارع بغداد” بجانب المقبرة سكنت فيه أكثر من 50 عاماً أستأجره زوجي، وهو منزل عربي يخضع لقانون الإيجار القديم».
وبيّن أنه «منذ سنتين طُلب منا الخروج من المنزل بحكم من المحكمة بموجب الدعوى التي قام برفعها شخص لديه وكالة بحق التصرف والبيع والشراء للعديد من المنازل في المنطقة على أن تم تعويضنا بـ 10% من قيمة المنزل رغم أن حقنا هو 40% وفق القانون».
بعد مراجعة الأوراق الموجودة في أرشيف مديرية المصالح العقارية تبين أن «الشخص المحتال قام بإبراز عقود بيع مزورة أمام القاضي وتوجيه دعوى قضائية بتثبيت الممتلكات من خلال إخراج قيد مدني لزوجي وختم عليه صورته بدل صورة زوجي المتوفي منذ 20عاماً، وأتم عملية البيع والفراغ من خلال انتحال شخصية زوجي وإبراز إخراج القيد المدني الموضوع عليه صورته الشخصية».
وكالات مزورة يومياً
مصدر قضائي من وزارة العدل أكد لجريدتنا أنه «خلال سنوات الحرب تمت عمليات تزوير كثيرة عن طريق مافيات كانت تتجمع خارج سيطرت الدولة وقد قامت بسرقة العديد من الأختام التابعة للمؤسسات الحكومية».
ولفت إلى أن «تزوير وكالات بيع عقارات وصل باليوم الواحد إلى أكثر من 25 وكالة يومياً، أي ما يقارب 9 آلاف وكالة مزورة سنوياً، كما ازدادت حالات تزوير الوكالات بشكل غير طبيعي في المحافظات».
وبحسب المصدر فإن «القرارات التي صدرت من وزارة العدل خفضت الوكالات المزورة لتصل إلى 5 وكالات يومياً، حيث تم ضبط الكثير من الحالات لأشخاص استغلوا هذه الظروف وقد تعاونوا مع عاملين في السلك العدلي، حيث كانوا يحملون وكالات تسمح لهم التصرف بعقارات لأشخاص غير موجودين وبعد التدقيق تبين أن هذه الوكالات مزورة ولاسيما في المحافظات التي كانت تشهد أوضاعاً أمنية متوترة».
الحرب كانت السبب
60% من المنازل التي تم بيعها بموجب وكالات مزورة أصحابها خارج البلاد ويكون بالمنزل عائلات تقيم به بموجب الآجار القديم في سوريا ومعظم الوكالات الصادرة من ريف دمشق نتيجة تعرض العديد من العدليات في تلك المناطق إلى التدمير والحرق بجسب ما أكده المحامي عضو نقابة المحامين بدمشق مرشد الباشا.
وأشار في تصريحه لجريدتنا أن الحرب ساعدت بشكل كبير على ازدياد حالات تزوير الوكالات ولاسيما الوكالات المتعلقة بالعقارات، حيث أن «هناك الكثير من الأشخاص فقدوا وتركوا أموالهم العقارية ما دفع العديد من ضعاف النفوس باستغلال هذه الظروف والإقدام على تزوير الوكالات بهدف بيع هذه العقارات».
وبيّن أن «المزور حينما يرى أن العقوبة بسيطة فإنه يرتكب فعل التزوير أكثر من مرة وهذا أمر خطر لا بد من تداركه».
إجراءات حكومية
وكانت قد أصدرت وزارة العدل السورية تعميماً تضمن ورود العديد من الشكاوى تتعلق بتزوير بيع العقارات بناء على وكالات مزورة.
طالباً من القضاة في المحاكم المختصة بحث الدعوى العقارية المتعلقة بتثبيت بيوعها والمؤسسة على وكالات عدلية وذلك بمخاطبة كاتب بالعدل التي نظمت لديه الوكالة ذلك تتمة في سجلاته.
وشدد التعميم على ضرورة إبلاغ كتاب العدل المحكمة أو الدائرة القضائية المستفسرة بالنتيجة بالسرعة الممكنة.
وأكد أن هذه الإجراءات ستحد من هذه الظاهرة التي تشكل في المنظور القانوني جرماً جزائياً، وأشار التعميم إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى الحفاظ على حقوق الملكية العقارية ولحماية أصحابها أيضاً.
شاهد أيضاً: الصادرات السورية إلى دول الخليج تتراجع.. لهذا السبب