أردوغان.. لا مفر من الصلح مع سوريا
مساء يوم السبت الماضي.. الليلة التي سبقت جولة انتخابات الرئاسة الحاسمة في تركيا.
ربما كان أردوغان يكتب «خطاب النصر» لاعتقاده الكبير بالفوز.. وربما كتب على ورقة هامشية «كلمات الهزيمة» تحسباً لمفاجأة غير متوقعة!.
في تلك الليلة، وبينما كان الرئيس التركي يفعل ما يفعله، أقلعت طائرة من مطار إسطنبول إلى مطار دمشق، وعلى متنها رجل الأعمال السوري المعارض «ماهر الدغيم» مقيّداً ومكمماً!.
باختصار.. سلّمت الحكومة التركية «الدغيم» إلى السلطات السورية، بعد أن سحبت جنسيته بتهمة «تبييض أموال للمتطرفين»، بحسب رواية معارضين.
فهل ما حدث أولى نتائج الاجتماعات الأمنية والعسكرية والسياسية بين دمشق وأنقرة؟ وهل يمضي أردوغان في سياسة «الصلح» مع سوريا بعد فوزه في الانتخابات؟.
بعدما سلمت تركيا «الدغيم» للسلطات السورية، كتب ناشط سوري معارض من تركيا ساخراً: «إذا كانت البداية هكذا، فمبروك عليكم أردوغان ومبروك علينا سجن صيدنايا»!.
في سوريا، وبعد فوز أردوغان بالرئاسة.. المعارضة تخشى لحظة التخلي التركية.. و«قسد» تخشى التصعيد العسكري.. أما الحكومة السورية فتفاوض الأتراك بحذر شديد، وعلى مبدأ «الأرض مقابل التطبيع»!.
تابعنا عبر فيسبوك
في اليوم التالي لإعلان بقاء أردوغان في «القصر الأبيض»، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية «إبراهيم قالن» في مقابلة تلفزيونية إنه «لم يتم التخطيط لعقد لقاء بين أردوغان والأسد على المدى القصير ولكن اللقاء غير مستبعد»!.
وأضاف قالن إن علاقة أنقرة مع دمشق يحكمها قضايا مهمة هي: «محاربة الإرهاب، وعودة اللاجئين، واستمرار المفاوضات بين الحكومة والمعارضة».
حتى الآن لا يبدو أي تغيّر في الخطاب التركي تجاه سوريا عقب حسم السباق الرئاسي لصالح أردوغان، والمعطيات الكثيرة تقول إن المرونة التركية تجاه دمشق مؤخراً لم تكن «دعاية انتخابية» فقط!.
انتهجت حكومة أردوغان مؤخراً سياسة تصالحية في الإقليم من الخليج إلى مصر وصولاً إلى أرمينيا.. وكأن أنقرة تريد العودة إلى سياسة «صفر مشاكل» التي اتبعتها قبل أحداث «الربيع العربي»، بعد أن أغرقت سياسات حكومة العدالة والتنمية تركيا في العقد الأخير بأزمات اقتصادية جمّة وملايين اللاجئين.
إذن، التحرك التركي الجديد في المنطقة هو سياسة استراتيجية وليس تكتيكاً مرحلياً.. وسوريا ليست خارج هذه السياسة، بل هي ركن أساسي فيها!.
سوريا بوابة تركيا إلى العالم العربي.. وهي خلاصها في قضية اللاجئين التي صوّت 47 % من الأتراك للسيد كمال الذي رفع شعار «إعادة اللاجئين أولاً».. أي باختصار يريد أردوغان استعادة ما أمكن من هذه النسبة في أي انتخابات مقبلة، وهذا لن يحدث إذا لم يُعِدْ اللاجئين إلى سوريا.. وهذا أيضاً لن يحدث بدون اتفاق مع دمشق!.
يمكن تلخيص الفوارق بين أردوغان وخصمه الخاسر الكمال في التعامل مع القضية السورية بالقول: إن كليتشدار أوغلو كان سيعيد اللاجئين بطريقة «قسرية» نوعاً ما وبتفاوض أكثر مرونة مع دمشق.
أما أردوغان فسيعيد اللاجئين أيضاً لا مفر!.. ولكن بطريقة ناعمة وعبر مفاوضات معقّدة مع دمشق.. والأيام بيننا.
شاهد أيضاً: تحرك أمريكي في التنف.. والمخابرات الروسية تكشف التفاصيل ؟!