حراك الأيام الأخيرة.. الأردن على خط التطبيع “السوري- التركي- القطري” ؟!
العديد من المساعي الأردنية ظهرت وبشكل كبير كمحاولة لإحداث تغيير فعلي ونوعي في مسار إيجاد حل للأزمة السورية، خاصة وأن الأردن حظي باستضافة لقاء “عمّان التشاوري” في ثلني اجتماع عربي يتعلق بالشأن السوري بعد اجتماع جدة في السعودية في نيسان من العام الحالي.
وفي السياق فإن هذا النشاط يأتي، في وقت يعيش فيه الأردن تحديات وأزمات داخلية وإقليمية عدّة، خاصة فيما يتعلق بالملفات “الاقتصادية أو الأمنية وغيرها”.
وفي ظل هذه التحديات، يبقى التساؤل المطروح عن ماهية الدور الذي يؤديه الأردن حالياً، ولماذا بدأ تصدُّر الدور عربياً في سياق حلحلة الأزمة السورية؟ وهل سيتمكن من إحداث تحوّل جديد في مسارها خاصة فيما يتعلق بتقريب وجهات النظر بين دمشق وأنقرة، ومدة قدرتها في إقناع الأخيرة بضرورة الاستجابة لمطالب الدولة السورية؟ وكذلك حجم التأثير الذي يمكن أن تفعله المملكة فيما يتعلق بالموقف القطري تجاه سوريا؟ خاصة وأنّ عمّان والدوحة تتميزان بعلاقات اقتصادية وطيدة.
تابعونا عبر فيسبوك
وقال محللون: إن “السعي الأردني ليس وليد لحظة، لكن نلحظ أن هناك تسارعاً لافتاً في هذا الشأن، والأردن كان عاملاً فاعلاً رئيساً في اجتماع جدّة التشاوري، كما أُجريت نسخة أخرى منه في العاصمة عمان، وعلينا أن ندرك أنّ هذا الاجتماع التشاوري هو البوابة لإعادة اعتبار سوريا بدعوتها إلى القمة العربية وإعادة مؤسساتها إلى دورها الاعتيادي والفاعل في هذه الجامعة”.
وأردفوا بالقول، “لذلك سعى الأردن بحراك دبلوماسي إلى محاولة تقريب وجهات النظر خاصة فيما يتعلق بالمواقف السورية الواضحة والمعلومة، ولكن كان هناك جهد واضح وخاصة في اللقاءات الثلاثية التي جرى استضافتها في مصر والعراق والأردن”.
وقد برزت عودة العلاقات “السورية- الأردنية” بأعلى درجاتها بتاريخ 3 تشرين الأول عام 2021، عندما جرى اتصال هاتفي بين الرئيس السوري بشار الأسد والملك الأردني عبد الله الثاني _بعد 44 يوماً من لقاء الملك عبد الله بالرئيس الأمريكي بواشنطن-_ وبُحثت في الاتصال حينها العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون المشترك لما فيه مصلحة البلدين، بحسب وكالة الأنباء الرسمية “سانا”.
ولحق باتصال الرئيس الأسد والملك عبد الله، لقاءات رسمية عدة بين مسؤولي البلدين، وجرى الاتصال الثاني بين الأسد والملك الأردني بتاريخ 7 شباط 2023 على خلفية الزلزال الذي ضرب البلاد، ثم لحقه زيارات رسمية، وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أول وزير خارجية عربي يزور دمشق بعد الزلزال.
ومنذ ذلك الوقت بدأ الحراك الدبلوماسي الأردني يُكثّف تجاه سوريا وكان آخره زيارة الصفدي دمشق بتاريخ 3 حزيران 2023 ولقاءه الرئيس الأسد ووزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إذ تمت مناقشة أبرز الملفات بين البلدين وخاصة فيما يتعلق بملف اللاجئين.
وتوجه الصفدي بعد زيارته دمشق إلى تركيا، والتقى وزير الخارجية التركي حقّان فيدان بتاريخ 4 حزيران 2023، وبحث معه عدداً من الملفات المشتركة وخاصة فيما يتعلق بضرورة إرساء الاستقرار في المنطقة من أجل عودة المهجرين السوريين. ما يشير _بحسب الخبراء ربما_ إلى دخول الأردن في مسار التقارب “السوري – التركي” الذي اعْتلّت منها الدول الضامنة لـ “أستانا”، من دون إحداث أيّ تقدم فعلي على أراض والواقع.
وعن ماهية الدور الأردني حيال الموقف القطري تجاه الأزمة السورية، يرى محللون أنّ “السياسات القطرية لم تؤثر سلباً في سوريا فقط، بل كان تأثيرها حتى في دول الخليج”. مستذكرين الحصار الخليجي عليها قبل توقيع اتفاقية العُلا، وبرأيه ما جرى يشير إلى أن قطر تؤدي دوراً “غير جيد” إمّا في مستوى المحيط، أو في مستوى الإقليم أو المنطقة.
ويظن المحللون أنّ هناك مصالح خاصة تربط العلاقات “القطرية- الأردنية”، خاصة وأن الأردن في مدة الحصار الذي فرضته دول الخليج عليها، بقيت علاقاته جيدة معها، وحتى أنّ قطر قدمت مساعدات مالية ضخمة للعاملين الأردنيين، وبالتالي هناك ملفات اقتصادية كبيرة تجمع البلدين، لافتاً إلى أنّ الدور الأردني في هذا الشأن يأتي في السياق الذي ذكرناه آنفاً.
وختم المحللون بالتأكيد أنّ “التحولات الكبيرة التي تجري في مستوى الأردن الداخلي والمنطقة والعالم، تجعله يعيد التفكير بتموضعه الحقيقي”، وأضافوا “أن أهم بوابة لإعادة هذا التموضع بما يخدم الشعب الأردني هو عودة العلاقات الكاملة مع سوريا وتأمين الأمن والاستقرار في المنطقة، والأردن معني تماماً بعودة الاستقرار في تلك المناطق الحدودية، وأيضاً تنشيط خط التجارة بين الخليج وسوريا والذي كان يؤمن مورداً مهماً للحكومة الأردنية”.
شاهد أيضاً : الجامعة العربية تستعد لعقد اجتماع حول سوريا الشهر القادم